قال : فكان لا يمر بي أحد إلا سألته عنه . ، فمر بي ناس من أهل مكة ، فسألتهم . فقالوا : نعم ، ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي ! فقلت لبعضهم : هل لكم أن أكون عبداً لبعضكم على أن تحملوني عقبه ، وتطعموني من الكسر ، فإذا بلغتم إلى بلادكم ، فان شاء أن يبيع باع ، وإن شاء أن يستعبد إستعبد ! .
فقال رجل منهم : أنا . فصرت عبداً له حتى أتى بي مكة ، فجعلني في بستان له مع حبشانٍ كانوا فيه ، فخرجت ، فسألت ، فلقيت إمرأة من أهل بلادي ، فسألتها ؟ فإذا أهل بيتها قد أسلموا . قالت لي : إن النبي صلى الله عليه وآله يجلس في الحجر (١) هو وأصحابه إذا صاح عصفور بمكة ، حتى إذا أضاء لهم الفجر تفرقوا .
فانطلقت إلى البستان ، فكنت أختلف (٢) ، فقال لي الحبشان : ما لك ؟
فقلت : أشتكي بطني ، وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني إذا ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما كانت الساعة التي أخبرتني المرأة يجلس فيها هو وأصحابه ، خرجت أمشي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فاذا هو يجتبي ، وإذا أصحابه حوله ، فأتيته من ورائه ، فعرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أريد ، فارسل حبوته ، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، فقلت : الله أكبر ، هذه واحدة .
ثم أنصرفت ، فلما أن كانت الليلة المقبلة ، لقطت تمراً جيداً ، ثم انطلقت حتى أتيت به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوضعته بين يديه . فقال : ما هذا ؟ فقلت : صدقة . فقال للقوم ، كلوا ، ولم يأكل . ثم لبثت ما شاء الله ، ثم أخذت مثل ذلك ، ثم أتيته فوضتعه بين يديه ، فقال : ما هذا ؟ فقلت : هدية . فأكل منها وقال للقوم : كلوا .
__________________
(١) : حجر اسماعيل بجانب الكعبة .
(٢) : الإختلاف : الرواح والمجيء .