فانهزمت الفرس ، وتهافتوا في العتيق ، فقتل منهم نحو ثلاثين ألفاً ، ونهبت أموالهم وأسلابهم وكانت عظيمةً جداً .
ومن طريف ما يذكر : أن العرب أخذت كافوراً كثيراً فلم يعبئوا به لأنهم لم يعرفوه ، وباعوه من قوم بملح وقالوا : أخذنا منهم مِلْحاً طيباً ، ودفعنا إليهم مِلحاً غير طيّب .
وأصابوا من الجامات من الذهب والفضة ما لا يقع عليه العد لكثرته ، فكان الرجل منهم يعرض جامين من ذهب على صاحبه ليأخذ منه جاماً واحداً من فضة ، يعجبه بياضها ويقول : من يأخذ صفراويين ببيضاء . (١)
وأخذ ضرار بن الخطاب في ذلك اليوم من فارس الراية العظمى ، وكانت متخذةً من جلود النمور المعروفة بـ ( درفش كاويان ) وكانت مرصعة بالياقوت واللؤلؤ وأنواع الجواهر ، فعوض منها بثلاثين ألفاً ، وكانت قيمتها ألفي ألف ومائتي ألف . (٢)
وكانت هذه المعركة هي الباب الأول الذي ينفذ منه المسلمون إلى المدائن حيث القصر الأبيض الذي يقطنه يزدجرد .
وفي سنة ستة عشر للهجرة كان المسلمون على أبواب بهرسير ( المدائن الغربية ) فلما رأوا الإيوان قالوا : الله أكبر ! أبيض كسرى ! هذا ما وعد الله ورسوله . وكان نزولهم عليها في ذي الحجة .
وحاصر المسلمون هذه المدينة شهرين وضربوها بالمجانيق واستعملوا أنواع السلاح في قتال أهلها . ثم دخلوها فلم يخرج لهم أحد إلا رجل ينادي بالأمان ، فأمنوه فقال لهم : ما بقي بالمدينة من يمنعكم ، فدخلوا فما وجدوا فيها شيئاً ولا أحداً إلا أسارى وذلك الرجل . وكان المشركون قد فروا منها .
__________________
(١) : شرح النهج ٩ / ٩٦ إلى ٩٩ .
(٢) : مروج الذهب ٢ / ٣١٩ .