إن كل محقق متتبع يدري ان هذه الثقافة الاسلامية لم تترك أية زاوية من زوايا الحياة الانسانية دون ان تعنى بها العناية اللازمة. يقول سبحانه وتعالى : « ما فرّطنا في الكتاب من شيء ».
وبناءً على هذا فإن علينا أن نبحث عن حقائق الحياة الانسانية وأسرارها في القرآن وفي التعليمات الاسلامية. وعلى الرغم من أن القرآن يتميز بالإيجاز عموماً ، فإنه في هذا الخصوص جامع لكل رؤوس الأسرار البنّاءة للانسان ، إلا انها تتطلب الشرح والتبسيط والتحليل والتوضيح. وهذا ما اضطلع به الرسول الكريم (ص) بادئ الأمر ، ومن ثم انتقل الأمر الى عترته الذين تعهدوا أسرار هذه الرسالة السماوية. ولهذا أوصى صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس جميعاً بأن يتمسكوا بالأمرين الثقلين. الأول كتاب الله ، والثاني عدل كتاب الله ورفيقه ، عترته وأهل بيته المبينين لأحكام القرآن واسراره ، قائلا : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، فانها لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».
إذن ، فالثقافة الاسلانية هي الثقافة الجامعة الشاملة الوحيدة التي عرفها البشر ، ففيها كل الأصول والمبادئ التي تجعل من حياة الانسان بناءً متكاملاً متقناً ، حتى ليمكن العثور فيها على جميع أسرار سعادة الانسان ، ولا تحتاج إلا إلى غواص ماهر قادر على الوصول إلى أعماق هذه الثقافة لاستخراج ما فيها من درر ولآلئ.
إنّ من المسائل التي اتسمت في حياتنا المعاصرة بأهمية قصوى هي مسألة التربية والتعليم. وفي الثقافة الاسلامية نجد أفضل التعليمات التربوية وأسماها ، مما لانظير له أبداً في ثقافات الأمم الاخرى ، فالاسلام على هذا الصعيد لم يغفل حتى عن ذكر أصغر الأمور وأتفهها ، بل وضع المناهج الدقيقة المدروسة من اجل تربية جيل سالم وصالح ينفع نفسه وينفع إخوانه في الانسانية ، وانها في الحقيقة لمناهج مدهشة تثير العجب والحيرة. ان كتابنا السماوي ،