فحاصروهم ثم فتحوا البلدة ، ونهبوا خزائن الملك ، وخزائن الهيكل ( المسجد الأقصى ) وجمعوا من أغنيائهم وأقويائهم وصناعهم ما يقرب من عشره آلاف نفساً وساروا بهم إلى بابل ، وما أبقوا في المحل إلا الضعفاء والصعاليك ، ونصب بخت نصر « صدقيا » وهو آخر ملوك بني إسرائيل ملكاً عليهم ، وعليه الطاعة لبخت نصر .
وكان الأمر على ذلك قريباً من عشر سنين حتى وجد صدقيا بعض القوة والشدة ، واتصل بعض الاتصال بواحد من فراعنة مصر فاستكبر وتمرد عن طاعة بخت نصر .
فأغضب ذلك بخت نصر غضباً شديداً فساق اليهم الجيوش وحاصر بلادهم فتحصنوا عنه بالحصون ، وتمادى بهم التحصن قريباً من سنة ونصف حتى ظهر فيهم القحط والوباء .
وأصر بخت نصر على المحاصرة حتى فتح الحصون ، وذلك في سنة خمسمأة وست وثمانين قبل المسيح ، وقتل نفوسهم ، وخرب ديارهم وخربوا بيت الله ، وأفنوا كل آية وعلامة دينية ، وبدلوا هيكلهم تلاً من تراب ، وفقدت عند ذلك التوراة والتابوت الذي كانت تجعل فيه .
وبقي الأمر على هذا الحال خمسين سنة تقريباً وهم قاطنون ببابل وليس من كتابهم عين ولا أثر ، ولا من مسجدهم وديارهم إلا تلال ورياع .
ثم لما جلس كورش من ملوك فارس على سرير الملك ، وكان من أمره مع البابليين ما كان ، وفتح بابل ودخله أطلق اسراء بابل من بني اسرائيل ، وكان عزرا المعروف من المقربين عنده فأمّره عليهم ، وأجاز له أن يكتب لهم كتابهم التوراة ، ويبني لهم الهيكل ، ويعيدهم إلي سيرتهم الاولى وكان رجوع عزرا بهم إلى بيت المقدس سنة أربعمأة وسبعة وخمسين قبل المسيح ، وبعد ذلك جمع عزرا كتب العهد العتيق وصححها ، وهي التوراة الدائرة اليوم (١) .
وأنت ترى بعد التدبر في القصة أن سند التوراة الدائرة اليوم مقطوعة غير
__________________
(١) مأخوذة من قاموس الكتاب المقدس تأليف مستر هاكس الأمريكاني الهمداني ومآخذ اخرى من التواريخ .