بيت نبيه عليهم السلام كما خصهم باسم الأنفس والنساء والأبناء لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بين رجال الامة ونسائهم وأبنائهم .
فان قلت : قد مر أن القرآن يكثر إطلاق لفظ الجمع في مورد المفرد وأن إطلاق النساء في الآية مع كون من حضرت منهن للمباهلة منحصرة في فاطمة عليها السلام فما المانع من تصحيح استعمال لفظ الكاذبين بهذا النحو ؟
قلت : إن بين المقامين فارقاً وهو أن إطلاق الآيات لفظ الجمع في مورد المفرد إنما هو لكون الحقيقة التي تبينها أمراً جائز التحقق من كثيرين يقضي ذلك بلحوقهم بمورد الآية في الحكم ، وأما فيما لا يجوز ذلك لكون مورد الآية مما لا يتعداه الحكم ، ولا يشمل غيره الوصف فلا ريب في عدم جوازه نظير قوله تعالى : « وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ » الأحزاب ـ ٣٧ ، وقوله تعالى : « لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ » النحل ـ ١٠٣ ، وقوله تعالى : « إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ـ إلى أن قال : وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ » الأحزاب ـ ٥٠ .
وأمر المباهلة في الآية مما لا يتعدى مورده وهو مباهلة النبي مع النصارى فلو لم يتحقق في المورد مدّعون بوصف الجمع في كلا الطرفين لم يستقم قوله : الكاذبين بصيغة الجمع البتة .
فان قلت : كما أن النصارى الوافدين على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحاب دعوى وهي أن المسيح هو الله أو ابن الله أو هو ثالث ثلاثة من غير فرق بينهم أصلاً ولا بين نسائهم وبين رجالهم في ذلك كذلك الدعوى التي كانت في جانب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي أن الله لا إله إلا هو وأن عيسى بن مريم عبده ورسوله كان القائمون بها جميع المؤمنين من غير اختصاص فيه بأحد من بينهم حتى بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يكون لمن أحضره فضل على غيره غير أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أحضر من أحضر منهم على سبيل الانموذج لما اشتملت عليه الآية من الأبناء والنساء والأنفس ، على أن الدعوى غير الدعوة وقد ذكرت أنهم شركاء في الدعوة .
( ٣ ـ الميزان ـ ١٥ )