بغيره كما يتعلق أفعل التفضيل ؛ يقال : زيد أفضل من عمرو ، وزيد أفضلهما ، ويقال : زيد خير من عمرو ، وزيد خيرهما .
ولو كان خير صيغة التفضيل لجرى فيه ما يجري عليه ، ويقال أفضل وأفاضل وفضلی وفضليات ، ولا يجري ذلك في خير بل يقال : خير وخيرة وأخيار وخيرات كما يقال : شيخ وشيخة وأشياخ وشيخات فهو صفة مشبهة .
ومما يؤيده استعماله في موارد لا يستقيم فيه معنى أفعل التفضيل كقوله تعالى : « قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ » الجمعة ـ ١١ ، فلا خير في اللهو حتى يستقيم معنى أفعل ، وقد اعتذروا عنه وعن أمثاله بأنه منسلخ فيها عن معنى التفضيل ، وهو كما ترى . فالحق أن الخير إنما يفيد معنى الانتخاب ، واشتمال ما يقابله من المقيس عليه على شيء من الخير من الخصوصيات الغالبة في الموارد .
ويظهر مما تقدم أن الله سبحانه هو الخير على الإطلاق لأنه الذي ينتهي اليه كل شيء ، ويرجع اليه كل شيء ، ويطلبه ويقصده كل شيء لكن القرآن الكريم لا يطلق عليه سبحانه الخير إطلاق الاسم كسائر أسمائه الحسنى جلت أسمائه ، وإنما يطلقه عليه إطلاق التوصيف كقوله تعالى : « وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ » طه ـ ٧٣ ، وكقوله تعالى : « أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ » يوسف ـ ٣٩ .
نعم وقع الإطلاق على نحو التسمية بالاضافة كقوله تعالى : « وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » الجمعة ـ ١١ وقوله : « وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ » الأعراف ـ ٨٧ ، وقوله : « وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ » الأنعام ـ ٥٧ ، وقوله : « وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ » آل عمران ـ ١٥٠ ، وقوله « وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ » آل عمران ـ ٥٤ ، وقوله : « وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ » الأعراف ـ ٨٩ ، وقوله : « وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ » الأعراف ـ ١٥٥ ، وقوله : « وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ » الأنبياء ـ ٨٩ ، وقوله : « وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ » المؤمنون ـ ٢٩ ، وقوله : « وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ » المؤمنون ـ ١٠٩ .
ولعل الوجه في جميع ذلك اعتبار ما في مادة
الخير من معنى الانتخاب فلم يطلق اطلاق الاسم عليه تعالى صوناً لساحته تعالى أن يقاس إلى غيره بنحو الإطلاق وقد عنت الوجوه لجنابه ؛ وأما التسمية عند الإضافة والنسبة ، وكذا التوصيف في الموارد