٥ ـ طلب فعل اللّه من غيره
هذا هو الملاك الحقيقي الّذي أو عز إليه الصنعاني ، ويوجد في كلمات ابن تيمية وقد عرفت قوله :
« مَن يأتي إلى قبر نبي أو صالح ويسأله أن يزيل مرضه ويقضي دينه أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلاّ اللّه تعالى » وهذا مما لا إشكال فيه ، غير أنّ الكلام في تمييز فعل اللّه عن فعل غيره ، أمّا الكبرى فمسلمة عند الكل ، فقد اتفق الموحدون على أنّ طلب فعله سبحانه من غيره ، ملازم للاعتقاد بألوهية المسؤول وربوبيته ، فاللازم دراسة الصغرى ، وأنّ فعل اللّه ما هو؟ والتركيز عليه.
ترى أنّ ابن تيمية قد سلم أنّ شفاء المريض وقضاء الدين على وجه الإطلاق من أفعاله سبحانه ، مع أنّ الحق أن قسماً منهما يعدّ فعلا للّه سبحانه دون قسم آخر.
إنّ إبراء المريض وقضاء الدين ورد الضالة وغيرها بالسنن الطبيعية أو غيرها على وجه الاستقلال ومن دون استعانة بأحد هو فعل اللّه سبحانه ، فلو طلب نفس ذلك من غيره لا ينفك عن الاعتقاد بالألوهية والربوبية.
وأمّا لو طلب منه مع الاعتقاد بأنّه مستغاث يقوم بهذه الأُمور عن طريق العلل الطبيعية أو غيرها ، مستمداً من قدرة اللّه وقائماً بإذنه ومشيئته ، فليس هذا فعل اللّه حتّى يكون طلبه من غيره شركاً. لأنّه سبحانه يقوم بالفعل مستقلا وبلا استمداد.
كيف وقد صرح القرآن بأنّ المسيح « يبرىء الأكمه والأبرص بإذنه » مع أنّ ابن تيمية وأتباعه زعموا أنها من أفعاله سبحانه ، قال سبحانه : ( وتبْرِىءُ الأكْمَهَ والأبْرَص بِإذني واذْ تُخْرِجُ المَوْتى بِإذْنِي ) (١) وقد نسب الذكر الحكيم
__________________
١ ـ سورة المائدة : الآية ١١٠.