حلّ شهر محرّم عام ١٣٤٤ هـ فكانت خطب مجالس التعزية ونوحيّات المواكب الحسينية تدور في معظمها حول فاجعة البقيع ، وتطالب الانتقام من ابن سعود ، إنّ يوم ٨ شوال أصبح يوم حداد في السنوات التالية في النجف وكربلاء ، حيث تغلق فيه الأسواق وتخرج مواكب اللطم (١).
الصراع الداخلي بين عبدالعزيز وأتباعه
بعدما استتبّ الأمر لعبد العزيز بتأييد من بريطانيا ، وطرد الملك حسين وولده الأمير علي من الحجاز ، فصار سلطان نجد سلطان الحجاز اليوم ، كما صار الأمير ملكاً للقطرين ، ولكن أتباعه الذين يعبر عنهم في تاريخ المملكة بالإخوان أورثوا له مشكلة خاصة ، وهي الإصرار على تطبيق مباديء الوهابية ، فرموه بموالاة الكفار الإنكليز والتساهل في الدين ، وأنكروا عليه ألقاب السلطان والملك ، وتطويل شاربه وثوبه ، ولبس العقال ، وإرساله ولده سعود لزيارة مصر للعلاج ، لأنّه بلد الكفار ، وإرسال ابنه فيصل لزيارة البلاد الأوربية لأنّها أكثر كفراً ، ورأوا أنّ استخدام السيارات وأجهزة اللاسلكي والهاتف بدع لأنّها من صنع الفرنج ، وأنّه يجب محاربة الدول المجاورة كالعراق والأردن واحتلالها ونشر الوهابية بين سكانها ، وقد أحرقوا أول شاحنة ظهرت في مدينة ( الحول ) وكاد سائقها يلقى المصير ذاته ، إلى غير ذلك مما عليه بني المذهب الوهابي (٢).
قال أمين الريحاني : إنّ الإخوان فيما ظهر من بسالتهم اورثوا عبدالعزيز مشكلا آخر ، فقد طغى الإخوان وتجبّروا ، فضج الناس ، وراح الإخوان يحاربون من لم يتبعهم من البدو ، ويكفّرون وينهبون ويقتلون ويقولون أنت يا بدوي مشرك ، والمشرك حلال الدم والمال ، وقد انتشرت من جراء ذلك الفوضى في البلاد ، وكاد يقطع حبل الأمن والسلام (٣).
__________________
١ ـ المصدر السابق.
٢ ـ أبو علية : الإصلاح الاجتماعي في عهد الملك عبدالعزيز ، ص ١٦٠ ووهبة حافظ ، الجزيرة العربية في القرن العشرين ، ص ٢٢٩.
٣ ـ الريحاني ـ أمين : تاريخ نجد الحديث ، ص ٢٦٠.