دخل الوهابيون مكة بغير قتال بعدما خرج الملك حسين وولده منها إلى جدة ، فنهبوا داره واستولوا على جميع ما يؤول إليه ، ثم قامت الحرب بينهم وبين الملك علي المتحصن في جدة ، وانقطع الحج في تلك السنة ، وعين خالد بن لؤي حاكماً على مكة ثم انطلق الوهابيون وفرضوا على السكان حضور صلاة الجماعة خمس مرات في اليوم ، كما منعوا التدخين وقراءة المولد النبوي وزيارة القبور ، ومن يشاهدونه يفعل ذلك يشتمونه ويضربونه ، وربما ساقوه إلى الحبس أو فرضوا عليه الغرامة (١).
دخل عبد العزيز مكة المكرمة ، واستعرض الجيش ، واجتمع مع العلماء وفرض عليهم اعتناق الأُصول الّتي جاء بها محمد بن عبدالوهاب ، وكان يقول وهو يحارب الملك عليّاً : إنّه ما جاء إلى الحجاز إلاّ لينقذه من ظلم الأشراف ، ولا يريد تملكه وإنّما يجعل مصيره إلى رأي عموم المسلمين.
وهذا هو الأسلوب الماكر لجميع الدهاة إذا تغلبوا على قطر من الأقطار ، حتّى أنّ دولة إسرائيل الغامشة بعدما استولت على أراض جديدة عام ١٩٦٧ م كانت تقول بأنّها لا تريد الاستيلاء عليها.
اكتساح قبور البقيع
لما استتبّ الأمر لعبد العزيز وملك الحجاز قاطبة ، عمد إلى تخريب المعالم الإسلامية في مكّة وجدّة والمدينة ، فخربوا في مكة قباب عبدالمطلب جدّ النبىّ ، وأبي طالب عمّه ، وخديجة أُم المؤمنين ، وخربوا مولد النبي ومولد فاطمة الزهراءعليهاالسلام ، ولما دخلوا جدّة هدموا قبّة حواء ، وخربوا قبرها بل خربوا في هذه البلاد كل القباب والمزارات والأمكنة الّتي يتبرك بها ، ولما حاصروا المدينة هدموا مسجد حمزة ومزاره ، لوقوعهما خارج المدينة المنورة (٢).
يقول الدكتور علي الوردي أُستاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد :
__________________
١ ـ الريحاني.
٢ ـ الأمين ، السيد محسن : كشف الارتياب ص ٥٥.