« ويعلم الصغير والكبير أنّ الإنكليز والحلفاء وأية دولة استعمارية يستحيل أن تفعل شيئاً بقصد الخير والإنسانية ، وإذا فعلت مع بلد أو بلدان ما يبدو كذلك فإنّما تتخذ منه وسيلة إلى التسرب إلى أسواقه والسيطرة على مقدراته. إنّ الاستعمار يوافق ويتصنع ليمتص دماء الشعوب.
وغريب أن تخفى هذه الحقيقة على الملك عبدالعزيز ، وأن يقول ـ وهو الوهابي الّذي يصلّي في أول الوقت حتّى في بيت عدوه عجلان ـ من لم يشكر الناس ( أي الإنكليز ) لم يشكر اللّه ، وهذا مع العلم بأنّ الوهابية تقول بفساد الصلاة عند قبر نبي أو ولي ، لأنّها تكون مشوبة بعبادة صاحب القبر ، إذاً كيف ربط الملك عبد العزيز شكر اللّه بشكر الإنكليز بحيث لا يقبل الأول بدون الثاني ، وبعد أن ضعف الإنكليز حلّ محلهم الأمريكيون (١).
التوسع السعودي بعد التعاون مع بريطانيا
ترافقت هذه الفترة مع تطورات دولية عملت لمصلحة آل سعود ، فقد انتهت الحرب العالمية الأُولى واستسلمت تركيا عام ١٣٣٧ هـ ، وتبعتها ألمانيا ، فانقطع دور تركيا في الجزيرة العربية ، وانفردت بريطانيا بالتحكم بشؤون المنطقة.
ومن ناحية أُخرى نجد بريطانيا قد خانت وعودها للهاشميين بإنشاء الدولة العربية الكبرى في الشمال ، وصارت تسعى للتخلص منهم ومن وعودها لهم ، فتوجه عبدالعزيز ضدهم في هذه الفترة الّتي شهدت احتلال آل سعود للحائل ، ثم للحجاز وعسير ، واختلطت السياسة بالدين (٢).
هجوم الوهابيين على الحجاز
في سنة ١٣٤٠ هـ غزا الوهابيون عرب الفرع من قبيلة حرب في عقر دارهم في الحجاز ، ونهبوا المواشي ، فجاء النذير إلى أهل الفرع فلحقوهم
____________
١ ـ مغنية ـ محمد جواد : هذه هي الوهابية ، ص ١٣٥ ـ ١٣٦.
٢ ـ جبران شامية ـ آل سعود ، ماضيهم ومستقبلهم ، ص ١١٤ ـ ١١٥.