ففي سنة ١٢٨٣ هـ عاد عبداللّه من جديد إلى الرياض إلاّ أنّ الوضع في الإمارة كان ميؤوساً منه فالمجاعة مستمرة ، وكان الناس يأكلون جيف الحمير ويحرقون جلود الماعز ويدقونها ، بل كانوا يدقون العظام ويأكلون مسحوقها ، ومع هذا فمن لم يمت بالسيف مات جوعاً (١).
١٢ ـ سعود بن فيصل تركي ( ١٢٨٤ هـ ـ ١٢٩١ هـ )
وفي العام القادم ١٢٨٤ هـ عاد سعود مجدداً إلى الرياض ، واستمرت المعارك سجالا بين الأخوين واقترنت كالعادة بالنهب والقتل ، ولكن عبداللّه بن فيصل كان يعتمد على الأتراك ، بينما يعتمد سعود على الإنجليز ، حتّى أنّهم أرسلوا أغذية له ، وبعد طائفة من الأحداث استتب الأمر إلى سعود ، ودخل الرياض في محرم ١٢٩٠ هـ وتوفي بعده بعام ١٢٩١ هـ وأمّا عبدالله فقد تنازل عن الحكم وترك الرياض هو وأخوه محمد ، ورحل إلى مقربة من الكويت واستقرّ في بادية قحطان ، ثم تركها بعد أن رفضوا الخوض في معركة جديدة يكونون حطبها بلا فائدة ، ولما توفي سعود أخذ الحكم مكانه أخوه عبد الرَّحمن الّذي كان يميل إلى سعود بعكس محمد ، فحكم لمدة عامين ، ثم تلاها حرب بينه وبين أخيه محمد الّذي كان يكبره سناً ، فوقعت معركة بينهما في ثرمدا في غرب الرياض ، وعاد الأمر من جديد للتوتر ، حتّى وافق الاثنان على أن يتولى الحكم أخوهم الكبير عبداللّه ، فعاد هذا الأخير من البادية واستلم الحكم عام ١٢٩٣ هـ حتّى عام ١٣٠٥ هـ ولم يقبل أبناء سعود أن يتولى عمّهم الكبير عبداللّه ، فغادروا الرياض احتجاجاً على ذلك ، واستقروا في « الخرج ». وعندئذ توجه عبد الرحمن خوفاً من أبناء أخيه إلى عبداللّه ، فقرر الإخوة الثلاثة ( عبداللّه ـ محمد ـ عبدالرحمن ) تشكيل جبهة واحدة بزعامة عبداللّه ضد أولاد سعود الذين تمكنوا من السيطرة على الرياض بضعة أسابيع ، ثم فرّ أولاده ودخل عبداللّه الرياض من جديد ، وبقي فيها إلى أن مات عام ١٣٠٥ هـ.
__________________
١ ـ الريحاني ـ أمين : تاريخ نجد الحديث ، ص ٩٩.