أمّا الذين حاصروا جدة فبقوا ثلاثة أيام
يحملون عليها حملة واحدة ، فيفرقهم المدفع ويقتل منهم فينهزمون إلى خيامهم ، حتّى
قتل الكثيرون منهم وامتلأت الحفر والقنوات من جيفهم ، وكانوا يدفنون العشرة في محل
واحد ، فلما رأوا ذلك ارتحلوا ، وقتلوا في طريقهم حيّاً من الأعراب ، وأخذوا إبلا
للشريف غالب ، فجهز الشريف جيشاً بقيادة الشريف حسين للانتقام منهم ، فهجموا عليهم
في منطقة تسمى « الليث » فغلبوهم ، وقتل كثير من الوهابيين في تلك الملحمة ،
واستهشد الشريف حسين ، فعاود الشريف غالب إرسال الجند والكتائب عليهم حتّى يترصدوا
لهم كل موضع ، فهزموهم هزائم ساحقة ، واقتطعوا الكثير من رؤوسهم ، وعلقت على أبواب
مكة للعبرة .
محاصرة مكة والمدينة سنة
١٢٢٠ هـ ثانياً
يقول زيني دحلان :
ودخلوا مكة في أواخر ذي القعدة سنة ١٢٢٠
هـ وتملكوا المدينة المنورة ، على ساكنها أفضل السلام ، وانتهبوا الحجرة ( النبوية
) وأخذوا ما فيها من الأموال ، وفعلوا أفعالا شنيعة ، وجعلوا على المدينة أميراً
منهم يدعى « مبارك مزيان » واستمر حكمهم سبع سنين ومنعوا دخول الحاج الشامي
والمصري مع المحامل مكة ، وصاروا يصنعون للكعبة ثوباً من العباء ، وأكرهوا الناس
على الدخول في دينهم ، وهدموا القباب الّتي على قبور الأولياء ، وكانت الدولة
العثمانية في تلك السنة في ارتباك كثير وشدّة قتال مع النصارى ، وفي اختلاف في خلع
السلاطين وقتلهم .
وقال الكاتب جبران شامية : إنّ سعود بن
عبد العزيز حاصر المدينة المنورة وفعل بها ما فعله بالطائف ومكة .
وقال السيد جواد العاملي : في سنة ١٢٢١
هـ في الليلة التاسعة من شهر
__________________