الأُولى : إنّ الكفار الذين قاتلهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مقرّون بأنّ ( اللّه ) هو الخالق الرازق المدبر ، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام لقوله تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالأرضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأبصَارَ ... فَسَيَقُولُونَ اللّه فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) (١).
الثانية : إنهم يقولون : ما دعونا الأصنام وما توجهنا إليهم الاّ لطلب القرب والشفاعة لقوله تعالى : ( الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِياءَ مَا نَعْبُدُهُم اِلاّ لَيُقَرِّبُونا إلى اللّه زُلفَى ) (٢). وقوله : ( وَيَعْبُدونَ مِنْ دُونِ اللّه مَالا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُم وَيَقُولُونَ هَؤلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّه ) (٣). الثالثة : إنّه ظهر صلىاللهعليهوآله على قوم متفرقين في عبادتهم ، فبعضهم يعبد الملائكة ، وبعضهم الأنبياء والصالحين ، وبعضهم الأشجار والأحجار ، وبعضهم الشمس والقمر ، فقاتلهم ولم يفرق بينهم.
الرابعة : إنّ مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين ، لأن أولئك يشركون في الرخاء ، ويخلصون في الشدة ، وهؤلاء شركهم في الحالتين لقوله تعالى :
( فَإِذا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوا اللّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُم إلَى البَرِّ إذا هُمْ يُشْرِكُونَ ) (٤).
وهو لا يريد من قوله « إنّ مشركي زماننا أغلظ شركا ... » إلاّ المسلمين عامة ، وذلك لأنهم يتوسلون بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في شدتهم ورخائهم ، ولذلك صاروا عنده أغلظ من مشركي عهد الرسالة.
ومما يؤخذ عليه فيما ذكره في القاعدة الثانية ، وهي المحور الرئيس للضلالة ، أنّ هناك فرقاً جلياً بين المسلمين وعبدة الأوثان والأصنام ، فإنّ
__________________
١ ـ سورة يونس : الآية ٣١.
٢ ـ سورة الزمر : الآية ٣.
٣ ـ سورة يونس : الآية ١٨.
٤ ـ محمد بن عبد الوهاب : رسالة أربع قواعد ص ١ ـ ٤ ط مصر المنار ، سورة العنكبوت : الآية ٦٥.