عليهالسلام : « ما أضمر أحد شيئاً إلاّ في ظهر فلتات لسانه وصفحات وجهه » (١) وقد كان محمد بن عبدالوهاب ممن يتفرّس مشايخه وأساتذته فيه الضلال ، حيث كان عندما يتردد إلى مكة والمدينة لأخذ العلم من علمائهما ، وعندما كان يدرس على الشيخ محمد بن سليمان الكردي ، والشيخ محمد حيات السندي كانا يتفرسان فيه الغواية والإلحاد ، بل يتفرس غيرهما فيه مثل ذلك ، وكان ينطق الكل بأنه سيضل اللّه تعالى هذا ، ويضل به من أشقاه من عباده ، حتّى أنّ والده عبدالوهاب ـ وهو من العلماء الصالحين ـ كان يتفرس فيه الإلحاد ويحذّر الناس منه ، حتّى أنّ أخاه الشيخ سليمان ألف كتاباً في الرد على ما أحدثه من البدع والعقائد الزائفة ، وكان محمد بن عبدالوهاب بادىء بدء كما ذكره بعض المؤلفين مولعاً بمطالعة أخبار من ادّعى النبوة كاذباً كمسيلمة الكذاب وسجاح ، والأسود العنسي ، وطليحة الأسدي وأضرابهم (٢).
يكتب ميرزا أبو طالب الإصفهاني وهو معاصره ويقول : أخذ في أول أمره عن كثير من علماء مكة والمدينة ، وكانوا يتفرسون فيه الضلال والإضلال ، وكان والده عبدالوهاب من العلماءالصالحين ، وكان يتفرس فيه ذلك ويذمه كثيراً ، يحذر الناس منه ، وكذا أخوه سليمان بن عبد الوهاب أنكر عليه ما أحدثه ، وألف كتاباً في الرد عليه ، وكان في أول أمره مولعاً بمطالعة أخبار مدّعي النبوة كمسيلمة و ... » (٣).
لو صحّ هذا فهو يعرب عن أنّ محمد بن عبدالوهاب كان يضمر في مكامن ذهنه شيئاً يشاكل فعل هؤلاء المتنبئين ، فصبّ ما أضمره في الدعوة الجديدة إلى التوحيد ، وعاد يكفّر رجال الدين عامة في كافة العصور ، وينسبهم إلى الجهل والضلال ، وهذه سمة المبتدعين عامة.
انتقال عبد الوهاب إلى « حريملة »
ترك أبوه « العيينة » ونزل بلدة « حريملة » وبقي فيها إلى أن وافته المنيّة
__________________
١ ـ نهج البلاغه ، قسم الحكم ٢٦٠.
٢ ـ صدقي الزهاوي : الفجر الصادق ص ١٧ والسيد أحمد زيني دحلان : فتنة الوهابية ص ٦٦.
٣ ـ ميزرا أبو طالب : سفرنامه ، ص ٤٠٩.