ب ـ هل الاحتفال بالمواليد بدعة؟
إنّ القوم يعدّون الاحتفال شركاً تارة ، وبدعة ثانياً ، وقد عرفت أنه ليس بشرك لفقدان العنصر المقوم للشرك فيه ، وأمّا كونه بدعة فقد عرفت بطلانه عند البحث عن أنه عبارة عن إحداث أمر باسم الدين ، وليس له فيه نصّ أو أصل ، والاحتفال ، وإن لم يكن فيه نص ، لكن له أصلا في الكتاب والسنة ، وهو حبّ النبي ومودته وإظهاره; فليست هذه الاحتفالات إلاّ تجسيداً للحب لا للعداء والنصب والبغضاء ، نعم ، المنع عنه إظهار للضغينة الكامنة في القلوب.
هلمّ معنا ندرس دليلهم الثالث :
ج ـ لو كان خيراً لأقامة السلف
هذا هو الدليل الثالث الّذي يركن إليه المانع ، وهو من أعجب الدلائل ، فكأنّ السلف مقياس الحق والباطل في الفعل والترك معاً ، فلو تركوا شيئاً دل ذلك على أنه باطل يجب تركه ، نحن نفترض أنّ السلف لم يقيموه ولم يحوموا حوله ، ولكن الخلف أبناء الدليل ، فلو كان له أصل في القرآن والسنة لا يعبأ بترك السلف. على أنّ هذا ما يقوله القائل ، ونحن إذا رجعنا إلى التاريخ نجد أنّ السلف أقامه عبر القرون والأجيال قبل أن يتولد باذر هذه الشكوك.
هذا مؤلف تاريخ الخميس يقول : ولا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده ، ويعملون الولائم ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ، يظهرون السرور ، ويزيدون في المبرّات ، يعتنون بقراءة مولده الشريف ، ويظهر عليهم من كراماته كل فضل عميم (١).
وقال القسطلاني : ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولدهعليهالسلام ، ويعملون الولائم ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ،
__________________
١ ـ تاريخ الخميس ، ج ١ ص ٣٢٣ للديار بكري.