إنّ اتخاذ هذا اليوم عيداً محدث لا أصل له ، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم من اتخذ ذلك عيداً ، حتّى يحدث فيه أعمالا ، إذا الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الإتباع لا الإبتداع ، وللنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطب وعهود ، ووقائع في ايام متعددة ، يذكر فيها قواعد الدين ، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً ، وإنما يفعل مثل هذا ، النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليهالسلام أعياداً ، أو اليهود ، وإنما العيد شريعة ، فما شرعه اللّه أتبع ، وإلاّ لم يحدث في الدين ما ليس منه.
وكذلك ما يحدثه بعض الناس إمّا مضاهاةً للنصارى في ميلاد المسيحعليهالسلام ، وإمّا محبة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعظيماً له ، واللّه قد يثيبهم على هذه المحبة ، والاجتهاد ، لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عيداً مع اختلاف الناس في مولده ، فإنّ هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف ـ رضي اللّه عنهم ـ أحق به منّا ، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعظيماً له منّا ، وهم على الخير أحرص (١).
إنّ هذه البذرة الّتي بذرها ابن تيمية استغلّها تلميذه ابن القيم وبعده الوهابية ، وإليك بعض نصوصهم :
قال ابن القيم : « نهى رسول اللّه عن اتّخاذ القبور مساجد ، وإيقاد السرج ، واشتد نهيه في ذلك حتّى لعن فاعله ، ونهى عن الصلاة إلى القبور ، ونهى أن يتخذوا عيداً » (٢).
وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ :
« وقد أحدث هؤلاء المشركون أعياداً عند القبور الّتي تعبد من دون اللّه ، ويسمونها عيداً كمولد البدوي بمصر وغيره ، بل هي أعظم لما يوجد فيها
__________________
١ ـ اقتضاء الصراط المستقيم : ص ٢٩٣ ـ ٢٩٤.
٢ ـ زاد المعاد في هدى خير العباد : ج ١ ص ١٧٩.