عن أنّ هذا العمل كان أمراً مباحاً فجاء هذا الراوي ينقل هذا الأمر على عفو الخاطر.
والاستدلال بهذه الرواية وما يأتي بعده بهذا الوجه ، ولأجل ذلك لم نحاول أن نصحح السند.
٤ ـ روى السمهودي عن الإمام محمد بن موسى بن النعمان في كتابه « مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام » عن محمد بن المنكدر : أودع رجل أبي ثمانين ديناراً وخرج للجهاد ، وقال لأبي : إنّ احتجت أنفقها إلى أن أعود. وأصاب الناس جهد من الغلاء ، فأنفق أبي الدنانير ، فقدم الرجل وطلب ماله ، فقال أبي : عد إلىَّ غداً ، وبات بالمسجد يلوذ بقبر النبي مرة وبمنبره مرة ، حتّى كاد أن يصبح يستغيث بقبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فبينما هو كذلك فإذا بشخص في الظلام يقول :
دونكها يا أبا محمد. فمدّ أبي يده ، فإذا بصرّة فيها ثمانون ديناراً ، فلمّا أصبح جاء الرجل فدفعها إليه (١).
وقد نقل السمهودي في هذا الفصل قصصاً كثيرة عن شخصيات إسلامية ، فمن أراد فليرجع إليه (٢).
وقد تعرّفت أنّ كيفية الاستدلال بهذه القصص ليس على أساس صحة إسنادها أو خلو متونها عن الشذوذ ، وإنما هو على أساس أنه لو كان هذا الأمر شركاً أو أمراً محرماً لما اهتم المحدثون والمؤرخون بنقلها ، بل ولما قام الوضّاعون بوضعها ، فإن الغرض من وضع الحديث هو بثّه بين المحدثين الواعين ، ومن المعلوم أنه إذا كان التوسل بدعاء النبي بعد رحلته شركاً وبدعة على ما تدعيه الوهابية ، لكانت الدواعي عن وضعها ونقلها مصروفة جداً ، وهذا يعرب عن ان العمل كان مشروعاً وسائغاً بين المسلمين ، فلأجل ذلك قام هؤلاء بنقل
__________________
١ ـ وفاء الوفاء : ج ٤ ص ١٣٨٠.
٢ ـ نفس المصدر : ج ٤ ص ١٣٨٠ ـ ١٣٨٧.