فاقرئه السلام وأخبره أنهم مسقون (١).
فالحديث يعرب عن أنّ التوسل بدعاء النبي بعد رحلته كان رائجاً ، ولو كان عملا محرّماً أو بدعة فلماذا توسل هذا الرجل بدعائه؟ ولماذا بكى الخليفة بعد سماع كلامه ، كما هو في ذيل الحديث ؟
يقول السمهودي بعد نقل الحديث : ومحل الاستشهاد طلب الاستسقاء منه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في البرزخ ، ودعاؤه لربه في هذه الحالة غير ممتنع ، وعلمه بسؤال من يسأله قد ورد ، فلا مانع من سؤال الاستسقاء وغيره منه كما كان في الدنيا (٢).
٢ ـ روى ابن عساكر في تاريخه ، وابن الجوزي في « مثير الغرام الساكن » وغيرهما بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال : دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فزرته وجلست بحذائه ، وجاء أعرابي فزاره ثم قال : يا خير الرسل! إنّ اللّه أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه : ( ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم ـ إلى قوله : ـ رحيماً ) وإني جئتك مستغفراً ربك من ذنوبي متشفعاً بك ، وفي رواية : « وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي » ثم بكى وأنشأ يقول :
ياخير من دفنت بالقاع أعظمه |
|
فطاب من طيبهن القاع والأكم |
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه |
|
فيه العفاف وفيه الجود والكرم |
ثم استغفر وانصرف.
٣ ـ وقال السمهودي : قال الحافظ أبو عبداللّه محمد بن موسى بن النعمان في كتابه « مصباح الظلام » : إنّ الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عنه عن علىّ بن أبي طالب رضياللهعنه قال : قدم علينا أعرابي بعد ما دفنّا رسول اللّه بثلاثة أيام ، فرمى بنفسه على قبر النبي وحثا من ترابه على
____________
١ ـ دلائل النبوة ، ج ٧ باب ما جاء في رؤية النبي في المنام ، ص ٤٧.
٢ ـ وفاء الوفاء : ج ٤ ص ١٣٧١.