ولو تحقق بصورة الدعاء ، فكان الدعاء من الخليفة ، والمرافقة بالتأمين من غيره. ولا ينافي ذلك أن يكون لكل من المأمومين دعاء على حدة ، وراء الدعاء الّذي يدعو به الإمام ، وقد ضبط متن الدعاء الّذي دعا به العباس ، وقد نقلوا أنه كان من دعائه :
أللّهمّ لم ينزل بلاء إلاّ بذنب ، ولم يكشف إلاّ بتوبة ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا الغيث (١).
ولقد ورد في بعض الروايات عن أئمة أهل البيت استحباب إخراج الصغار الرضّع ، والكبار الركّع إلى المصلى ، ليكون الحال أنسب لنزول الرحمة الإلهية ، فإنّ الصغير معصوم من الذنب ، والكبير الطاعن في السن أسير اللّه في أرضه ، وكلتا الطائفتين ، أحق بالرحمة والمرحمة ، فببركتهم تنزل الرحمة وتعم غيرهم ، وبذلك يظهر الجواب عما ذكره الرفاعي من أنّه لو كان قصد الخليفة ذات العباس لكان النبي أولى وأقرب إلى اللّه من ذات العباس ـ لما عرفت ـ من أنّ الهدف من إخراج عم النبي إلى المصلى وضمه إلى الناس ، هو استنزال الرحمة ، قائلين بأننا لو لم نكن مستحقين لنزول الرحمة لكن عمّ النبي لها ، فأنزل رحمتك إليه لتريحهُ من أزمة القحط والغلاء وبالتالي تعم غيره; ومن المعلوم أن هذا لا يتحقق إلاّ بالتوسل بإنسان حي يكون شريكاً مع الجماعة في المصير ، وفي عناء العيش ورغده ، لا مثل النبي الراحل الخارج عن الدنيا والنازل دار الآخرة ، ولو توسل به أيضاً ، فإنما هو بملاك آخر ، ولم يكن مطروحاً في المقام.
٤ ـ توسل الأعرابي بالنبي نفسه
روى جمع من المحدثين أنّ أعرابياً دخل على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ، ولا صبي يغط ، ثم أنشأ يقول :
__________________
١ ـ إرشاد الساري ، للقسطلاني ، ج ٢ ص ٣٣٨.