وطهارة ذاته ، ولولاها لما استجيبت دعوته ، فما معنى الفرق بين التوسل بدعاء النبي والتوسل بشخصه وذاته؟ حتّى يكون الأول نفس التوحيد ، والآخر عين الشرك أو ذريعة إليه؟
لم يكن التوسل بالصالحين والطيبين والمعصومين والمخلصين من عباد اللّه أمراً جديداً بين الصحابة ، بل كان ذلك امتداداً للسيرة الموجودة قبل الإسلام ، فقد تضافرت الروايات التاريخية على ذلك ، وإليك البيان :
استسقاء عبدالمطلب بالنبي وهو رضيع
إنّ عبد المطلب استسقى بالنبي الأكرم وهو طفل صغير ، حتّى قال ابن حجر : إنّ أبا طالب يشير بقوله :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
إلى ما وقع في زمن عبدالمطلب حيث استسقى لقريش والنبي معه غلام (١).
استسقاء أبي طالب بالنبي وهو غلام
أخرج ابن عساكر عن أبي عرفة ، قال : قدمت مكة وهم في قحط ، فقالت قريش : يا أبا طالب أقحط الوادي ، وأجدب العيال ، فهلم فاستسق ، فخرج أبو طالب ومعه غلام يعني النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كأنه شمس دجى تجلت عن سحابة قتماء ، وحوله أغيلمة ، فأخذ النبي أبوطالب فألصق ظهره بالكعبة ، ولاذ إلى الغلام وما في السماء قزعة ، فأقبل السحاب من هاهنا وها هنا وأغدق واغدودق ، وانفجر له الوادي ، وأخصب النادي ، والبادي ، وفي ذلك يقول أبوطالب :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل (٢) |
وقد كان استسقاء أبي طالب بالنبي وهو غلام ، بل استسقاء عبدالمطلب
__________________
١ ـ فتح الباري ج ٢ ص ٣٩٨ ودلائل النبوة ج ٢ ص ١٢٦.
٢ ـ فتح الباري ج ٢ ص ٤٩٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١١٦.