أولئك شرار الخلق عند اللّه يوم القيامة (١).
إنّ الهدف من وضع صور الصالحين بجوار قبورهم إمّا لغاية اتخاذها قبلة أو عبادة ذويها ، كالصنم المنصوب ، ومعه لا يمكن أن يستدل به على تحريم مطلق اتخاذ القبور ، مساجد.
٩ ـ إنّ أقصى ما يدل عليه الحديث لو قلنا بإطلاقه هو أن يتّخذ مدفن الأنبياء مساجد ، وأمّا بناء مسجد في جنب مدافنهم بحيث يكون المسجد وراء المدفن كما هو الحال في المشاهد المشرفة لأئمة الشيعة فلا يعمه النهي أبداً.
١٠ ـ وعلى فرض وجود الإطلاق فإذا دار الأمر بين الأخذ بالكتاب (٢) والسنة الرائجة بين المسلمين من عهد التابعين إلى يومنا هذا ، حيث يصلون في مسجد النبي وقبره في وسطه ، وبين إطلاق هذه الرواية فالأول هو المتعين.
إذا تبين عدم صلاحية الحديث للاستدلال على التحريم ، فيجب علينا عرض المسألة على سائر الأدلة ، وإليك البيان.
عرض المسألة على القرآن
كان الواجب على الوهابيين الذين يدمّرون الآثار الإسلامية بهذه الأحاديث عرض المسألة على القرآن الكريم الّذي هو تبيان لكل شيء.
قال سبحانه :
( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْياناً لِكُلِّ شيء ) (٣).
والقرآن صادق مصدّق لا يكذب ـ يذكر سبحانه ـ في قصة أصحاب الكهف أنّ القوم لما عثروا على أجسادهم المطرية في الغار اختلفوا على قولين : تذكرهما الآية التالية :
( وَكَذَلِكَ أعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَأنَّ السّاعَةَ لاَ رَيبَ
__________________
١ ـ صحيح مسلم ج ٢ ص ٦٦ كتاب المساجد.
٢ ـ سيوافيك بيان دلالة الكتاب على الجواز.
٣ ـ سورة النحل : الآية ٨٩.