فلو فرضنا تعارض الأدلة من الجانبين ، فالأصل هو الإباحة كما سيوافيك.
٦ ـ الأصل هو الإباحة
إنّ القائل بالحرمة يجب أن يستدل عليها ، والقائل بالإباحة يكفيه الأصل ( عدم الحرمة إلاّ ما قام الدليل على تحريمه ) وقد عرفت أنّه ليس هناك شبه دليل على الحرمة ، والآيات أدل دليل على أنّه سبحانه لا يعذب أُمَّةً إلاّ بعد إرسال الرسل وبعثهم ، وهو كناية عن وصول البيان والتشريع إلى الناس ، فلو لم يصل ـ وإن بلغه الرسول ـ لا يكون منجزاً في حق العبد. قال سبحانه :
( وَمَا كُنّا مُعَذّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولا ) (١).
وظاهر الآيات يعطي أن وظيفة التشريع تبيين المحرمات لا المباحات. قال سبحانه :
( قَلْ تَعَالُوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُم ) (٢).
وقال : ( قُلْ لاَ أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَىّ مُحَرّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُه .. ) (٣).
فإذا كان صعيد التشريع فارغاً عمّا يدل على التحريم فهو حجة على كون الشيء مباحاً محللا.
وإليك البحث عن بناء المساجد على قبور الصالحين ، وهو الموضوع الخامس فيما طرحه ابن تيمية.
__________________
١ ـ سورة الإسراء : الآية ١٥.
٢ ـ سورة الأنعام : الآية ١٥١.
٣ ـ سورة الأنعام : الآية ١٤٥.