سقف قائم ، ولأجل ذلك يقال للكعبة بيت اللّه ، وللساحة المحيطة به ( المسجد الحرام ) وأيضاً يستحب أن تكون المساجد غير مسقّفة ، وترى المسجد الحرام مكشوفاً تحت السماء من دون سقف يظلّه ، دون البيت فالسقف من مقوماته.
قال سبحانه : ( وَلَوْلاَ أنْ يَكُونَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بَالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِم سُقُفاً مِنْ فِضّة وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُون ) (١).
فالبيوت غير المساجد ، ولو تنزلنا فهي أعمّ منها تشمل المسجد وغيره. هذا كله حول البيوت ، وأمّا الرفع الوارد في الآية الكريمة فسواء أفسّر بالرفع الحسي بإرساء القواعد وإقامة الجدران كما في قوله سبحانه : ( وَإذْ يَرْفَعُ إبْراهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإسماعِيلُ ) (٢) ، أَمْ فسّر بالرفع المعنوي كما هو الحال في قوله سبحانه : ( وَرَفَعَنَاه مَكَاناً عَلياً ) (٣). أي منحناه مكانة عالية. فلو فسرّ بالرفع الحسّي يكون دليلا على جواز تشييد بيوت الأنبياء والأولياء ، وتعميرها في حياتهم وبعد وفاتهم حسب إطلاق الآية ، وقد كان بيوت كثير من الأئمة الصالحين هي مقابرهم ، فتشييد هذه البيوت عمل جائز بنص الآية ، وأمّا لو فسّر بالرفع المعنوي ، وأنّ من وظائف المسلمين تكريم هذه البيوت كما هو المتبادر ، فتعمير بيوتهم من مظاهر ذلك التعظيم المعنوي ، كما أنّ تدميرها وجعلها معرضة لما لا يناسب ساحتهم ، تجاهل لهذه الآية وتولٍّ عنها.
ومن لطيف ما روي في المقام ما رواه الحافظ السيوطي عن أنس بن مالك ، وبريدة ، أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قرأ قوله : ( في بيوت أذن اللّه أن ترفع ) فقام إليه رجل وقال : أي بيوت يا رسول اللّه؟ فقال : « بيوت الأنبياء » فقام إليه أبوبكر وقال : يا رسول اللّه وهذا البيت منها؟ ـ مشيراً إلى بيت علىّ وفاطمة ـ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم من أفاضلها (٤).
__________________
١ ـ سورة الزخرف : الآية ٣٣.
٢ ـ سورة البقرة : الآية ١٢٧.
٣ ـ سورة مريم : الآية ٥٧.
٤ ـ الدر المنثور : ج ٥ ص ٥٠.