العبارات الّتي تفهم منها العامة تنزيه الرب تعالى عن النقائص ، ومقصدهم أنّه ليس فوق السماوات ربّ ولا على العرش إله يعبد ، ولا عُرج بالرسول إلى اللّه ، ولو كان هذا هو المطلوب كان من المعلوم أنه لا بد أن يبينه الرسول ، وقد علم بالاضطرار أنّ الرسول وأصحابه لم يتكلموا بمذهب النفاة (١).
وقال : « إنّ المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنّه قال : اللّه في السماء ، وعلمه في كل مكان ، ولأنّ علماءهم حكموا إجماع السنة والجماعة على أنّ اللّه بذاته فوق عرشه » (٢).
وقال ـ نقلا عن ابن أبي حنيفة ـ « أنّه سئل عمن يقول : لا أعرف ربّي في السماء أو في الأرض؟ قال : كفر ، لأنّ اللّه يقول : ( الرَّحمن على العرش استوى ) وعرشه فوق سبع سماواته ، فقال السائل : إنّه يقول على العرش ، ولكن لا أدري العرش في السماء أو في الأرض؟ فقال : إنّه إذا أنكر أنّه في السماء كفر ، لأنّه تعالى في أعلى عليين ، وإنّه ليدعى من أعلى لا من أسفل (٣).
ونقل عن عبداللّه بن المبارك أنّه سئل : بماذا تعرف ربنا؟ قال : بأنّه فوق سماواته على عرشه ، بائن عن خلقه قلت بحد لا يعلمه غيره. ثم نقل عن كثير من أئمة الحديث كالثوري ، ومالك ، وابن عيينة ، وحماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، وابن المبارك ، وفضيل بن عياض ، وأحمد ، وإسحاق ، عن كون اللّه سبحانه فوق العرش بذاته ، وأنّ علمه بكل مكان (٤).
إلى غير ذلك مما نقله وأرسله على نسق واحد ، والكل يهدف إلى أن الصفات الخبرية يجب أن تجري على اللّه سبحانه بحرفيتها وظهورها التصوري ، من دون تفصيل وتأويل ، بإرجاعها إلى المعاني المجازية أو الكنائية.
__________________
١ ـ مجموعة الرسائل والمسائل ج ١ ص ٢٠٣.
٢ ـ مجموعة الرسائل والمسائل ج ١ ص ٢٠٣.
٣ ـ مجموعة الرسائل والمسائل ج ١ ص ٢٠٧.
٤ ـ مجموعة الرسائل والمسائل ج ١ ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩.