فيها ، ثم نسخت الآية بعد أن صارت عاراً عليهم ، وفضيحة إلى يوم القيامة بقوله جل جلاله : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) (١).
فإذا حضرت يوم القيامة بين يدي الله جل جلاله وبين يدي رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال لك : كيف جاز لك أن تقلد قوماً في عملهم وفعلهم وقد عرفت منهم مثل هذه الاُمور الهائلة ، فأيّ عذر وأيّ حجة تبقى لك عند الله وعند رسوله في تقليدهم ، فبهت وحار حيرة عظيمة.
فقلت له : أما تعرف في صحيحي البخاري ومسلم في مسند جابر بن سمرة وغيره انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في عدة أحاديث : « لا يزال هذا الدين عزيزاً ما وليهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (٢).
وفي بعض أحاديثه عليه وآله السلام من الصحيحين : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش » (٣).
وأمثال هذه الألفاظ كلها تتضمن هذا العدد الاثني عشر ، فهل تعرف في الإسلام فرقة تعتقد هذا العدد غير الإمامية الاثني عشرية ، فإن كانت هذه أحاديث صحيحة كما شرطت على نفسك في تصحيح ما نقله البخاري ومسلم ، فهذه مصححة لعقيدة الإمامية ، وشاهد بصدق ما رواه سلفهم ، وإن كانت كذباً فلأيّ حال رويتموها في صحاحكم ؟
فقال : ما أصنع بما رواه البخاري ومسلم من تزكيته أبي بكر وعمر وعثمان ، وتزكية تابعهم ؟
_____________________
١ ـ المجادلة : ١٣.
٢ ـ صحيح مسلم ، باب الناس تبع لقريش ، ومسند أحمد ٥ : ٩٨ ، وفتح الباري ١٣ : ٢١١.
٣ ـ صحيح مسلم كتاب الامارة ، وفتح الباري ١٣ : ٢١١.