فاطمة عليهاالسلام بما تواترت الأخبار في ذلك ، والإرادة هاهنا دلالة على وقوع الفعل للمراد.
وأيضاً فيدل على ذلك قوله عليهالسلام : « فاطمة بضعة منّي ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله عزوجل » ، وهذا يدلّ على عصمتها ؛ لأنّها لو كانت ممّن تقارف الذنوب ، لم يكن من يؤذيها مؤذياً له على كل حال ، بل كان متى فعل المستحق من ذمّها ، أو إقامة الحد عليها ، إن كان الفعل يقتضيه سارّاً له ومطيعاً ، على أنّا لا نحتاج أن ننبّه في هذا الموضع على الدلالة على عصمتها ، بل يكفي في هذا الموضع العلم بصدقها فيما ادعته ، وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين ، لأنّ أحداً لا يشك أنّها لم تدّع ِما ادعته كاذبة ، وليس بعد ألا تكون كاذبة إلّا أن تكون صادقة ؛ وإنّما اختلفوا في هل يجب مع العلم بصدقها تسليم ما ادّعته بغير بيّنة أم لا يجب ذلك !
قال : الّذي يدلّ على الفصل الثاني أنّ البينة إنّما تراد ليغلب في الظن صدق المدّعي ، ألا ترى أنّ العدالة معتبرة في الشهادات لما كانت مؤثّرة في غلبة الظنّ لما ذكرناه ، ولهذا جاز أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة ، لأنّ علمه أقوى من الشهادة ، ولهذا كان الإقرار أقوى من البيّنة ، من حيث كان أغلب في تأثير غلبة الظن ، وإذا قدّم الإقرار على الشهادة لقوّة الظن عنده ، فأولى أن يقدّم العلم على الجميع ، وإذا لم يحتج مع الإقرار إلى شهادة لسقوط حكم الضعيف مع القويّ ، لا يحتاح أيضاً مع العلم إلى ما يؤثر الظنّ من البيّنات والشّهادات.
والذي يدل على صحّة
ما ذكرناه أيضاً ، انّه لا خلاف بين أهل النقل في أنّ أعرابياً نازع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ناقة ، فقال عليهالسلام : « هذه لي ؛ وقد خرجت إليك من ثمنها » فقال الأعرابي : من يشهد لك بذلك ؟ فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد بذلك ؛ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أين علمت وما
حضرت ذلك ؟ »
، قال : لا ، ولكن علمت ذلك من