رواه ! وكيف خصّصه بذلك دون العم الّذي هو العصبة ! فما نراه زاد على التعجّب ، ومما عجب منه عجبنا ، ولم يثبت عصمة أبي بكر فينتفي عن أفعاله التناقض.
قلت : لا يشكّ أحد في أنّ أبا بكر كان عاقلاً ، وإن شكّ قوم في ذلك ، فالعاقل في يومٍ واحد لا يدفع فاطمة عليهاالسلام عن الإرث ويقول : إنّ أباكِ قال لي : إنّي لا أورث ، ثمّ يورث في ذلك اليوم شخصاً آخر من مال ذلك المتوفى الّذي حكى عنه أنّه لا يورث ، وليس انتفاء هذا التناقض عن أفعاله موقوفاً على العصمة ، بل على العقل (١).
قال المرتضى : وقوله يجوز أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نَحَله إيّاه ، وتركه أبو بكر في يده ـ لِمَا في ذلك من تقوية الدين ـ وتصدّق ببدله ؛ وكلّ ما ذكره جائز ، إلّا أنّه قد كان يجب أن يظهر أسباب النحلة والشهادة بها ، والحجّة عليها ، ولم يظهر من ذلك شيء فنعرفه ، ومن العجائب أن تدّعي فاطمة فَدَك نحلةً ، وتستشهد على قولها أمير المؤمنين عليهالسلام وغيره ، فلا يُصغى إلى قولها ، ويترك السيف والبغلة والعمامة في يد أمير المؤمنين على سبيل النّحْلة بغير بيّنة ظهرت ، ولا شهادةٍ قامت !
قلت : لعل أبا بكر سمع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ينحل ذلك عليّاً عليهالسلام ، فلذلك لم يحتج إلى البيّنة والشهادة ، فقد روي أنّه أعطاه خاتمه وسيفه في مرضه وأبو بكر حاضر ، وأما البغلة فقد كان نحله إيّاها في حجة الوداع على ما وردت به الرواية ؛ وأما العمامة فسلب الميّت ، وكذلك القميص والحجزة والحذاء ، فالعادة أن يأخذ ذلك ولد الميّت ؛ ولا ينازع فيه لأنّه خارج ، أو كالخارج عن التركة ، فلما
_____________________
١ ـ من أين علم ابن أبي الحديد انّ الشريف المرتضى ( قدّس سرّه ) قال بأنّ أبا بكر دفع السيف والعمامة للإمام عليهالسلام في نفس اليوم الذي منع فيه فاطمة عليهاالسلام ميراثها ، وليس في كتاب الشافي ما يشير إلى ذلك ، فما قاله اجتهاد منه على غير علم أو قلة فهم !