وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفَدَك ، وما وقع من الاختلاف والاضطراب عَقِب وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وأبو بكر الجوهري هذا عالم مُحدِّث كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه مصنّفاته.
قال أبو بكر : حدّثني أبو زيد عمر بن شبّة قال : حدّثنا حيّان بن بشر ، قال : حدّثنا يحيى بن آدم ، قال : أخبرنا ابن أبي زائدة ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري قال : بقيت بقيّة من أهل خيبر تحصّنوا ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحقن دماءهم ويُسيِّرهم ، ففعل ، فسمع ذلك أهل فَدَك فنزلوا على مثل ذلك ، وكانت للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة ، لأنّه لم يُوجِف عليها بخيلٍ ولا رِكاب.
قال أبو بكر : وروى محمد بن إسحاق أيضاً أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهلِ فَدَك ، فبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصالحوه على النّصف من فَدَك ، فقَدِمتْ عليه رسلُهم بخيبر أو بالطريق ، أو بعد ما أقام بالمدينة ، فقبل ذلك منهم ، وكانت فَدَك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خالصةً له ، لأنّه لم يوجِف عليها بخيلٍ ولا رِكاب.
قال : وقد روى أنّه صالحهم عليها كلّها ، الله أعلم أيُّ الأمرين كان.
قال : وكان مالك بن أنس يحدّث عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حَزْم أنّه صالحهم على النصف ، فلم يزل الأمر كذلك حتى أخرجهم عمر بن الخطاب وأجلاهم بعد أن عوّضهم عن النصف الذي كان لهم عوضاً من إبل وغيرها.
وقال غير مالك بن أنس : لمّا أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوّم الأموال ، بعث أبا الهيثم بن التيهان ، وفَرْوة بن عمرو ، وحُباب بن صَخْر ، وزيد بن ثابت ، فقَوّموا أرض فَدَك ونخلَها ، فأخذها عمر ، ودفع إليهم قيمةَ النصف الذي لهم ، وكان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم ، أعطاهم إيّاها من مالٍ أتاه من العراق ، وأجلاهم إلى الشام.