ولو وثب لحاجة فزال عقله أو أغمي عليه ، فلا قضاء ولو كان عبثا ، فالقضاء ان ظن كون مثله يؤثر ذلك ولو بقول عارف.
الثالث : لو شربت المرأة دواء لتحيض ، أو تسقط الولد فتصير نفساء ، فالظاهر : عدم وجوب القضاء ، لأنّ سقوط القضاء عن الحائض والنفساء ليس من باب الرخص والتخفيفات حتى يغلظ عليهما إذا حصلا بسبب منهما ، انما هو عزيمة ، لأمرهما بالترك ، فإذا امتثلا الأمر فقضية الأصل عدم القضاء.
فإن قلت : هذا منقوض بقضاء الصوم مع أمرهما بتركه.
قلت : الصوم انما وجب بأمر جديد ونص من خارج على خلاف الأصل.
الرابع : المرتد الذي تقبل توبته يجب ان يقضي مدة ردته ، للعمومات خرج عنها الكافر الأصلي فيبقى ما عداه ، ولانه التزم بالإسلام جميع الفرائض فلا يسقط عنه بالمعصية ما التزمه بالطاعة وكما في حقوق الآدميين ، ولأنّا نجبره على الأداء حال ردته فيجبر على القضاء بعد توبته.
أما الذي لا يقبل رجوعه عندنا لكونه عن فطرة ، فإن قتل فلا بحث إلا في حق وليّه. وان فات السلطان وتاب ، فهل تكون توبته مقبولة؟ فيه نظر :
من حكم الشرع بعدم قبولها ، وإجرائه مجرى الميت فيما يتعلق بنكاحه وإرثه.
ومن عموم ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ) (١) فأثبت لهم إيمانا بعد الكفر ، وهو شامل لذي الفطرة وغيرها ، ولأنّ كل دليل دلّ على قبول التوبة من العصاة آت فيه ، ولامتناع تكليف الله تعالى العبد بما لا يقدر عليه ، ولانه مخاطب بالايمان كغيره من الناس فيمتنع عدم قبوله ، والا لكان تكليفا بما لا يطاق. ووجوب قتله لوجهين :
أحدهما : حسم مادة الارتداد ، وصيانة الإسلام واحترامه ، فلا يدل ذلك
__________________
(١) سورة النساء : ١٣٧.