قال ثوير : فغمني ذلك حتى اذا دخلنا المدينة فافترقنا ، فنزلت أنا على أبي جعفر عليهالسلام ، فقلت له : جعلت فداك ابن ذر ، وابن قيس الماصر ، والصلت صحبوني ، وكنت أسمعهم يقولون : قد حزرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر عليهالسلام عنها فعمني ذلك.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : ما يغمك من ذلك فاذا جاءوا فاذن لهم ، فلما كان من غد دخل مولى لأبي جعفر عليهالسلام ، فقال : جعلت فداك بالباب ابن ذر ومعه قوم ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا ثوير قم فأذن لهم ، فقمت فأدخلتهم ، فلما دخلوا سلموا وقعدوا ولم يتكلموا ، فلما طال ذلك أقبل أبو جعفر عليهالسلام يستفتيهم الأحاديث واقبلوا لا يتكلمون.
فلما رأى ذلك أبو جعفر عليهالسلام قال لجارية له يقال لها سرحة : هاتي الخوان ، فلما جاءت به فوضعته : فقال أبو جعفر عليهالسلام : الحمد الله الذي جعل لكل شيء حدا ينتهي اليه حتى أن لهذا الخوان حدا ينتهي اليه ، فقال ابن ذر : وما حده؟ قال : اذا وضع ذكر الله واذا رفع حمد الله.
قال : ثم اكلوا ، ثم قال أبو جعفر عليهالسلام : اسقيني فجاءته بكوز من أدم فلما صار في يده ، قال : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا ينتهي اليه حتى أن لهذا الكوز حدا ينتهي اليه ، فقال ابن ذر : وما حده؟ قال يذكر اسم الله عليه اذا شرب ويحمد لله اذا فرغ ، ولا يشرب من عند عروته ولا من كسران كان فيه.
قال : فلما فرغوا أقبل عليهم يستفتيهم الأحاديث فلا يتكلمون ، فلما رأى ذلك أبو جعفر عليهالسلام قال : يا ابن ذر ألا تحدثنا ببعض ما سقط إليكم من حديثنا؟ قال : بلى يا ابن رسول الله ، قال : أني تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الاخر كتاب الله وأهل بيتي ان تمسكتم بهما لن تضلوا.
______________________________________________________
والتخمين ، أي أربعة آلاف على التخمين.
قوله (ع) : هاتى الخوان
الخوان بالكسر ككتاب ما يؤكل عليه الطعام ، والجمع خون واخونة.