ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا ، وثانيها : أنهم استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة فكأنهم قالوا : ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة ، وثالثها ، أن ذلك يجوز أن يقع منهم قبل إكمال عقولهم « كذلك كانوا يؤفكون » في دار الدنيا أي يكذبون ، وقيل : يصرفون صرفهم جهلهم عن الحق في الدارين ، ومن استدل بهذه الآية على نفي عذاب القبر فقد أبعد لما بينا أنه يجوز أن يريدوا أنهم لم يلبثوا بعد عذاب الله إلا ساعة « وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم » أي مكثتم « في كتاب الله » معناه أن لبثكم ثابت في كتاب الله أثبته الله فيه وهو قوله : « ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون » وهذا كما يقال : إن كل ما يكون فهو في اللوح المحفوظ أي هو مثبت فيه ، والمراد : لقد لبثتم في قبوركم إلى يوم البعث ، وقيل : إن الذين اوتوا العلم والايمان هم الملائكة ، وقيل : هم الانبياء ، وقيل : المؤمنون ، وقيل : إن هذا على التقديم وتقديره : وقال الذين اوتوا العلم في كتاب الله وهم الذين يعلمون كتاب الله والايمان لقد لبثتم إلى يوم البعث فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه في الدنيا ، ولكنكم كنتم لا تعلمون وقوعه في الدنيا ، فلا ينفعكم العلم به الآن ، ويدل على هذا المعنى قوله : « فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا أنفسهم بالكفر معذرتهم » فلا يمكنون من الاعتذار ، ولو اعتذروا لم يقبل عذرهم « ولا هم يستعتبون » أي لا يطلب منهم الاعتاب والرجوع إلى الحق.
وفي قوله : سبحانه « لينذر » : أي النبي
بما اوحي إليه « يوم التلاق » يلتقي
في ذلك اليوم أهل السماء وأهل الارض ، وقيل : يلتقي فيه الاولون والآخرون والخصم
والمخصوم والظالم والمظلموم ، وقيل : يلتقي الخلق والخالق يعني أنه يحكم بينهم ، وقيل
: يلتقي المرء وعمله ، والكل مراد « يوم هم بارزون » من قبورهم ، وقيل : يبرز بعضهم
لبعض
فلا يخفى على أحد حال غيره لانه ينكشف له ما يكون مستورا « لا يخفى على الله
منهم شئ » أي من أعمالهم وأحوالهم « ويقول » الله في ذلك اليوم : « لمن الملك
اليوم » فيقر المؤمنون والكافرون بأنه « لله الواحد القهار » وقيل : إنه سبحانه هو القائل
لذلك
وهو المجيب لنفسه ، ويكون في الاخبار بذلك مصلحة للمكلفين ، قال محمد بن كعب