ما بين أيديهم من أحوال الآخرة وما خلفهم من أحوال الدنيا « ولا يحيطون به علما » أي لا يحيطون هم بالله علما ، أي بمقدرواته ومعلوماته ، أو بكنه عظمته في ذاته وأفعاله « وعنت الوجوه للحي القيوم » أي خضعت وذلت حضوع الاسير في يد من قهره ، والمراد أرباب الوجوه ، وقيل : المراد بالوجوه الرؤساء والقادة والملكوك « وقد خاب » عن ثواب الله « من حمل ظلما » أي شركا « ومن يعمل من الصالحات » أي شيئا من الطاعات وهو مؤمن مصدق بما يجب التصديق به « فلا يخاف ظلما » بأن يزاد في سيئاته « ولا هضما » بأن ينقص من حسناته ، والهضم : النقص.
وفي قوله : عزوجل : « يوم نطوي السماء » (١) : المراد بالطي ههنا هو الطي المعروف فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته ، وقيل : إن طي السماء ذهابها « كطي السجل للكتب » السجل : صحيفة فيها الكتب ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : إن السجل ملك يكتب أعمال العباد ، عن أبي عمرو والسدي ، وقيل هو ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه ، عن عطاء ، وقيل : هو اسم كاتب كان للنبي صلىاللهعليهوآله « كما بدأنا أول خلق نعيده » أي حفاة عراتا غرلا ، وقيل : معناه : نهلك كل شئ كما كان أول مرة.
وفي قوله تعالى سبحانه : « يا أيها الناس اتقوا ربكم » : أي عذابه « إن زلزلة الساعة » (٢) أي زلزلة الارض يوم القيامة ، والمعنى أنها تقارن قيام الساعة وتكون معها ،
____________________
(١) قال السيد الرضى رضياللهعنه في المجازات : ص ١٤٧ : هذه استعارة ، والمراة بها على احد القولين ابطال السماء ونقض بنيتها واعدام جملتها من قولهم : طوى الدهر آل فلان إذا اهلكهم وعفى آثارهم ، وعلى القول الاخر يكون الطى ههنا على حقيقته فيكون المعنى : ان عرض السماء يطوى حتى يجمع بعد انتشاره ويتقارب بعد تباعد اقطاره فيصير كالسجل المطوى ، وهو ما يكتب فيه من جلد او قرطاس او ثوب او ما يجرى مجرى ذلك ، والكتاب ههنا مصدر كقولهم : كتب كتابا وكتابة وكتبا ، فيكون المعنى : يوم نطوى السماء كطى السجل ليكتب فيه ، فكانه قال : كطى السجل للكتابه ، لان الاغلب في هذه الاشياء التى اومأنا اليها أن تطوى قبل ان تقع الكتابة فيها ، لان الطى ابلغ في التمكن منها.
(٢) قال الرضى قدس الله روحه : المراد بزلزلة الساعة رجفان القلوب من خوفها ، واضطراب الاقدام من روعة موقعها ، ويشهد بذلك قوله سبحانه من بعد : « وترى الناس سكارى وما هم بسكارى » يريد تعالى من شدة الخوف والوجل والذهول والوهل.