فيقول كل واحد منهما لصاحبه : جزاك الله من خليل خيرا ، كنت تأمرني بطاعة الله ، وتنهاني عن معصية الله ، وأما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها (١) فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تبارك وتعالى منزله في النار ، فقال : يا رب فلان خليلي كان يأمرني بمعصيتك وينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب ، فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه : جزاك الله من خليل شرا ، كنت تأمرني بمعصية الله ، وتنهاني عن طاعة الله ، قال : ثم قرأ : « الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين » ثم يؤمر بمؤمن غني (٢) يوم القيامة إلى الحساب يقول الله تبارك وتعالى : عبدي! قال : لبيك يارب ، قال : ألم أجعلك سميعا بصيرا وجعلت لك مالا كثيرا؟ قال : بلى يا رب ، قال : فما أعددت للقائي؟ قال : آمنت بك ، وصدقت رسلك ، وجاهدت في سبيلك ، قال : فماذا فعلت فيما آتيتك؟ قال : أنفقت في طاعتك ، فقال : ماذا ورث عقبك؟(٣) قال : خلقتني وخلقتهم ، ورزقتني ورزقتهم ، وكنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي إليك ، فيقول الله عز وجل : صدقت اذهب فلو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا ، ثم دعا بالمؤمن الفقير فيقول ، يابن آدم(٤) فيقول : لبيك يا رب ، فيقول : ماذا فعلت؟ قيقول : يا رب هديتني لدينك وأنعمت علي ، وكففت عني مالو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له ، فيقول الله عزوجل : صدق عبدي لو تعلم مالك عندى لضحكت كثيرا ، ثم دعا بالكافر الغني فيقول : ما أعددت للقائي؟ فيقول : ما أعددت شيئا ، فيقول : ماذا فعلت فيما آتيتك؟ فيقول : ورثته عقبي ، فيقول له : من خلقك؟ فيقول : أنت ، فيقول : من رزقك؟ فيقول : أنت ، فيقول : من خلق عقبك؟ فيقول : أنت ، فيقول : ألم أك قادرا على أن أرزق عقبك كما رزقتك؟ فإن قال : نسيت هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت هلك ، فيقول الله عزوجل : لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا ، قال : ثم يدعا بالكافر الفقير فيقول :
____________________
(١) ليست هذه الجملة في المصدر. م
(٢) في المصدر : ويؤتى بالمؤمن الغنى. م
(٣) في المصدر : ماذا ورثت في عقبك؟. م
(٤) في المصدر : يا عبدى. م