فيه عذاب النار « عن وجوههم ولا عن ظهورهم » يعني أن النار تحيط بهم من جميع جوانبهم « ولا هم ينصرون » وجواب « لو » محذوف أي لعلموا صدق ما وعدوا به ولما استعجلوا ، وفي قوله : « فتبهتهم » أي فتحيرهم فلا يقدرون على دفعها ولا يؤخرون إلى وقت آخر ولا يمهلون لتوبة أو لمعذرة. وفي قوله : « الذين يخشون ربهم بالغيب » أي في حال الخلوة والغيبة عن الناس ، وقيل : في سرائرهم من غير رياء وفي قوله تعالى : « إن كنتم في ريب » الريب : أقبح الشك ، أي إن كنتم في شك من النشور فإنا خلقنا أصلكم وهو آدم من تراب ، فمن قدر على أن يصير التراب بشرا سويا حيا في الابتداء قدر أن يحيي العظام ويعيد الاموات « ثم من نطفة » أي ثم خلقنا نسله من نطفة « ثم من علقة » وهى القطعة من الدم الجامد « ثم من مضغة » أي شبه قطعة من اللحم ممضوغة « مخلقة وغير مخلقة » أي تامة الخلق وغير تامة ، وقيل : مصورة وغير مصورة ، وهو ما كان سقطا لا تخطيط فيه ولا تصوير « لنبينن لكم » أي لندلكم على مقدورنا بتصريفكم في ضروب الخلق ، أو على أن من قدر على الابتداء قدر على الاعادة « ونقر » أي نبقي « في الارحام مانشاء » إلى وقت تمامه ، والاشد حال اجتماع العقل والقوة « ومنكم من يتوفى » أي يقبض روحه قبل بلوغ الاشد « ومنكم من يرد إلى أرذل العمر » أي أسوء العمر وأخبثه عند أهله وهي حال الخرف « لكيلا يعلم من بعد علم شيئا » أي لكيلا يستفيد علما وينسى ما كان به عالما.
ثم ذكر سبحانه دلالة اخرى على البعث
فقال : « وترى الارض هامدة » يعني هالكة أو يابسة دراسة من أثر النبات « فإذا أنزلنا عليها الماء » وهو المطر
« اهتزت » أي تحركت بالنبات ، والاهتزاز :
شدة الحركة في الجهات « وربت » أي زادت وأضعفت نباتها « وأنبتت » يعني الارض « من كل زوج » أي من كل
صنف « بهيج » أي مونق للعين حسن الصورة واللون « ذلك بأن الله » أي ذلك
الذي سبق ذكره من تصريف الخلق على هذه الاحوال وإخراج النبات بسبب أن الله
« هو الحق » أي لتعلموا أن الله تحق له
العبادة دون غيره ، وقيل : هو الذي يستحق
صفات التعظيم « وأنه يحيي الموتى » لان من قدر على الانشاء قدر على الاعادة.