أي تنزيها لك عن الشريك « ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء » أي ليس لنا أن نوالي أعداءك بل أنت ولينا من دونهم ، وقيل : معناه : ما كان يجوز لنا وللعابدين وما كان يحق لنا أن نأمر أحدا بأن يعبدنا ، فإنا لو أمرناهم بذلك لكنا واليناهم ، ونحن لا نوالي من يكفر بك « ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر » معناه : ولكن طولت أعمارهم وأعمار آبائهم وأمددتهم بالاموال والاولاد بعد موت الرسل حتى نسوا الذكر المنزل على الانبياء وتركوه « وكانوا قوما بورا » أي هلكى فاسدين ، هذا تمام الحكاية عن قول المعبودون ، فيقول الله سبحانه « فقد كذبوكم » أي كذبكم المعبودون ، أيها المشركون « بما تقولون » أي بقولكم أنهم آلهة شركاء لله ، ومن قرأ بالياء فالمعنى : فقد كذبوكم بقولهم : « سبحانك ما كان ينبغي لنا » الآية « فما يستطيعون صرفا » أي فما يستطيع المعبودون صرف العذاب عنكم ولا نصركم بدفع العذاب عنكم ، ومن قرأ بالتاء فالمعنى : فما تستطيعون أيها المتخذون الشركاء صرف العذاب عن أنفسكم ولا أن تنصروها.
وفي قوله عزوجل : « يوم يرون الملائكة » : يعني يوم القيامة « لا بشرى يومئذ للمجرمين » أي لا بشارة لهم بالجنة والثواب ، والمراد بالمجرمين هنا الكفار « ويقولون حجرا محجورا » أي ويقول الملائكة لهم حراما محرما عليكم سماع البشرى ، وقيل : معناه : ويقول المجرمون للملائكة كما كانوا يقولون في الدنيا إذا لقوا من يخافون منه القتل : حجرا محجورا دماؤنا ، قال الخليل : كان الرجل يرى الرجل الذي يخاف منه القتل في الجاهلية في الاشهر الحرم فيقول : حجرا محجورا أي حرام عليك حرمتي في هذا الشهر فلا يبدؤه بشر ، فإذا كان يوم القيامة رأوا الملائكة فقالوا ذلك ظنا منهم أنهم ينفعهم ، وقيل : معناه : حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال : لا إله إلا الله عن عطاء عن ابن عباس ، وقيل : يقولون حجرا محجورا عليكم أن تتعوذوا وإلا فلا معاذ لكم « وقدمنا إلى ما عملوا من عمل » أي قصدنا وعمدنا إلى ما عمله الكفار في الدنيا مما رجوا به النفع والاجر وطلبوا به الثواب والبر « فجعلناه هباء منثورا » وهو الغبار يدخل الكوة في شعاع الشمس ، وقيل : هو رهج(١) الدواب ، وقيل : هو ما تسفيه الرياح
____________________
(١) الرهج بفتح الراء والهاء وسكون الثانى : ما اثير من الغبار.