الحساب أخذهم بذنوبهم كلها من دون أن يغفر لهم شئ منها ، ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث : من نوقش الحساب عذب ، فيكون سوء الحساب المناقشة. ، والثاني : هو أن يحاسبوا للتقريع والتوبيخ فإن الكافر يحاسب على هذا الوجه ، والمؤمن يحاسب ليسر بما أعد الله له ، والثالث : هو أن لا يقبل لهم حسنة ولا يغفر لهم سيئة ، وروي ذلك عن أبي عبدالله عليهالسلام ، والرابع أن سوء الحساب هو سوء الجزاء فسمي الجزاء حسابا لان فيه إعطاء المستحق حقه « ومأويهم جهنم » أي مصيرهم إلى جهنم وبئس المهاد أي وبئس ما مهدوا لانفسهم ، والمهاد : الفراش الذي يوطأ لصاحبه ، وسمي النار مهادا لانه في موضع المهاد لهم.
وفي قوله سبحانه : « ليحملوا أوزارهم » : اللام للعاقبة « كاملة » أي تامة « يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم » أي ويحملون مع أوزارهم بعض أوزار الذين أضلوهم عن سبيل الله وهو وزر الاضلال والاغواء ولم يحملوا وزر غوايتهم وضلالتهم وقوله : « بغير علم » معناه : من غير علم منهم بذلك بل جاهلين به « ألا ساء ما يزرون » أي بئس الحمل حملهم في الآثام.
وفي قوله سبحانه : « ثم يوم القيمة يخزيهم » : أي يذلهم ويفضحهم يوم القيامة على رؤوس الاشهاد ويهينهم بالعذاب ، يقول على سبيل التوبيخ لهم والتهجين : « أين شركائي » الذين كنتم تشركونهم معي في العبادة على زعمكم « الذين كنتم تشاقون » أي تعادون المؤمنين « فيهم قال الذين اوتوا العلم » بالله وبدينه وشرائعه من المؤمنين ، وقيل : هم الملائكة عن ابن عباس « إن الخزي اليوم السوء على الكافرين » أي إن الهوان اليوم والعذاب الذي يسوء على الجاحدين لنعم الله المنكرين لتوحيده وصدق رسله « الذين تتوفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم » أي الذين يقبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم ففارقوا الدنيا وهم ظالمون لانفسهم بإصرارهم على الكفر « فألقوا السلم(١) » أي
____________________
(١) قال الرضى رضوان الله عليه : هذه استعارة ، وليس هناك شئ يلقى على الحقيقة ، وانما المراد بذلك طلب المسالمة عن ذل واستكانة والتماس وشفاعة ، وقد يجوز أن يكون معنى « فألقوا السلم » أي استسلموا وسلموا فكانوا كمن طرح آلة المقارعة ونزع شكة المحاربة.