الله ورضوان « ولا يرهق وجوههم » ولا يغشاها « قتر » غبرة فيها سواد « ولا ذلة » هوان ، والمعنى : لايرهقهم ما يرهق أهل النار ، أولا يرهقهم ما يوجب ذلك من حزن وسوء حال « ما لهم من الله من عاصم » ما من أحد يعصمهم من سخط الله ، أو من جهة الله ، أو من عنده كما يكون للمؤمنين « كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما » لفرط سوادها وظلمتها ، ومظلما حال من الليل « اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون » مما يحتج به الوعيدية ، والجواب أن الآية في الكفار لاشتمال السيئات على الشرك والكفر ، ولان الذين أحسنوا يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة فلا يتناولهم قسيمه « و يوم نحشرهم جميعا » يعني الفريقين جميعا « ثم نقول للذين أشركوا مكانكم » ألزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم « أنتم » تأكيد للضمير المنتقل إليه من عامله « و شركاؤكم » عطف عليه « فزيلنا بينهم » ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم « وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون » مجاز عن براءة ما عبدوه من عبادتهم فإنهم إنما عبدوا في الحقيقة أهواءهم ، لانها الآمرة بالاشراك لا ما أشركوا به ، وقيل : ينطق الله الاصنام فتشافههم بذلك مكان الشفاعة التي توقعوا منها ، وقيل : المراد بالشركاء الملائكة والمسيح ، وقيل : الشياطين « إن كنا عن عبادتكم لغافلين » « إن » هي المخففة من المثقلة ، واللام هي الفارقة « هنالك » في ذلك المقام « تبلو كل نفس ما أسلفت » تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضره « وردوا إلى الله » إلى جزائه إياهم بما أسلفوا « موليهم الحق » ربهم ومتولي أمرهم على الحقيقة ، لا ما اتخذوه مولى « وضل عنهم » وضاع عنهم « ما كانوا يفترون » من أنهم آلهتهم تشفع لهم ، أو ما كانوا يدعون أنها آلهة.
وفي قوله تعالى : « ولو أن لكل نفس ظلمت » بالشرك أو التعدي على الغير « ما في الارض » من خزائنها وأموالها « لافتدت به » لجعلته فدية لها من العذاب من قولهم : افتداه بمعنى فداه « وأسروا الندامة لما رأوا العذاب » لانهم بهتوا بما عاينوا « مما لم يحتسبوا » من فظاعة الامر وهوله فلم يقدروا أن ينطقوا ، وقيل : أسروا الندامة : أخلصوها ، لان إخفاءها إخلاصها ، أو لانه يقال سر الشئ لخالصته من