يعدهم في المستثنين من الصعقة في قوله تعالى : « إلا من شاء الله ».
فإن قلت : كيف تسبب هذا لقوله : « فاعترفنا بذنوبنا »؟ قلت : قد أنكروا البعث فكفروا وتبع ذلك من الذنوب ما لا يحصى لان من لم يخش العاقبة تخرق في المعاصي ، فلما رأوا الاماتة والاحياء قد تكررا عليهم علموا بأن الله تعالى قادر على الاعادة قدرته على الانشاء ، فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث ، وما تبعه من معاصيهم. انتهى كلامه.
وقال الشيخ أمين الاسلام في جوامع الجامع : أراد بالاماتتين خلقهم أمواتا أولا ، وإماتتهم عند انقضاء آجالهم ، وبالاحيائين الاحياء الاولى ، وإحياء البعث.
وقيل : الاماتتان هما التي في الدنيا بعد الحياة ، والتي في القبر قبل البعث ، والاحياءان هما التي في القبر للمسألة ، والتي في البعث انتهى. وفي كلام هذين الفاضلين كفاية والله الموفق.
ثم قال رحمه الله : وعساك تقول : إن
تفسير الآية على ما هو الشائع المستفيض
كما ذكرته يقتضي سكوت الكفار عن الاحياء والاماتة الواقعين في القبر ، فما السبب
في سكوتهم عنهما؟ فنقول : إن الحياة في القبر حياة برزخية ناقصة ، ليس معها من
آثار الحياة سوى الاحساس بالالم أو اللذة ، حتى أنه قد توقف بعض الامة في عود
الروح إلى الميت ، فلذلك لم يعتدوا بها في جنب الحياتين الاخريين ، قال في شرح
المقاصد : اتفق أهل الحق على أنه تعالى بعيد إلى الميت في القبر نوع حياة قدر ما
يتألم ويلتذ ، لكن توقفوا في أنه هل يعاد الروح إليه أم لا؟ وما يتوهم من امتناع
الحياة بدون الروح ممنوع ، وإنما ذلك في الحياة الكاملة التي تكون معها القدرة
والافعال الاختيارية. انتهى كلامه. والحق أن الروح يتعلق به وإلا لما قدر على
إجابة
الملكين ، ولكنه تعلق ضعيف ، كما يشعر به ما رواه في الكافي عن الصادق عليهالسلام في
حديث طويل : فيدخل عليه ملكا القبر : منكر ونكير فيلقيان فيه الروح إلى حقويه ، الحديث. وقد يستبعد تعلق الروح بمن أكلته السباع ، أو احرق وتفرقت أجزاؤه يمينا
وشمالا ، ولا استبعاد فيه نظرا إلى قدرة الله سبحانه على حفظ أجزائه الاصلية عن