بنت أمّ الولد أباها ، فقام الرجل بعد فراغه من صلاة الفجر فواقع أهله الّتي لا تلد وخرج إلى الحمّام فأرادت الحرّة أن تكيد أمّ الولد وابنتها عند الرجل فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت إليها وهي نائمة فعالجتها كما يعالج الرجل المرأة فعلقت ، أيُّ شيء عندك فيها ؟ قال : لا والله ما عندي فيها شيء . فقال : يا أبا حنيفة أخبرني عن رجل كانت له جارية فزوَّجها من مملوك له وغاب المملوك ، فولد له من أهله مولود ، وولد للمملوك مولود من اُمِّ ولد له فسقط البيت على الجاريتين ومات المولى ، مَن الوارث ؟ فقال : جعلت فداك لا والله ما عندي فيها شيءٌ ، فقال أبو حنيفة : أصلحك الله إنّ عندنا قوماً بالكوفة يزعمون أنّك تأمرهم بالبراءة من فلان وفلان (١) ، فقال : ويلك يا أبا حنيفة لم يكن هذا معاذ الله ، فقال : أصلحك الله إنّهم يعظّمون الأمر فيهما (٢) قال : فما تأمرني ؟ قال : تكتب إليهم ، قال : بماذا ؟ قال : تسألهم الكفّ عنهما (٣) ، قال : لا يطيعوني ، قال بلى أصلحك الله إذا كنت أنت الكاتب وأنا الرسول أطاعوني ، قال : يا أبا حنيفة أبيت إلّا جهلاً كم بيني وبين الكوفة من الفراسخ ؟ قال : أصلحك الله ما لا يحصى ، فقال كم بيني وبينك ؟ قال : لا شيء ، قال : أنت دخلت عليَّ في منزلي فأستأذنت في الجلوس ثلاث مرّات فلم آذن لك فجلست بغير إذني خلافاً عليَّ ، كيف يطيعوني اُولئك وهم ثَمَّ وأنا ههنا ؟ قال : فقنَّع رأسه وخرج وهو يقول : أعلم الناس ولم نره عند عالم . فقال أبو بكر الحضرميّ : جعلت فداك الجواب في المسألتين الأوَّلتين ؟ فقال : يا أبا بكر سيروا فيها ليالي وأيّاماً آمنين . فقال : مع قائمنا أهل البيت وأمّا قوله : وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد أصحابه كان آمناً .
بيان : قوله عليهالسلام : ولست كما تقول جملة حاليّة اعترضت بين الشرط والجزاء لرفع توهّم أنّ هذا الشرط والتقدير محتمل الصدق ، وأمّا قوله تعالى : سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَ أَيَّامًا آمِنِينَ . فهو في القرآن مذكور بين الآيات الّتي اُوردت في ذكر قصّة أهل سبا ، حيث قال : وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا
________________________
(١) وفي نسخة : من فلان وفلان وفلان .
(٢) وفي نسخة : انّهم يعظمون الامر فيهم .
(٣) وفي نسخة : تسألهم الكف عنهم .