بيان : قد سبق مثله بتغيير ما في باب من يجوز أخذ العلم منه وقد شرحناه هناك . والرثُّ : الضعيف البالي .
٣ ـ ج : عن بشير بن يحيي العامريّ ، عن ابن أبي ليلى ، قال : دخلت أنا والنعمان أبو حنيفة على جعفر بن محمّد عليهماالسلام فرحَّب بنا فقال : يا ابن أبي ليلى من هذا الرجل ؟ فقلت : جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة ، له رأي وبصيرة ونفاذ (١) ، قال : فلعلّه الّذي يقيس الأشياء برأيه ، ثمَّ قال : يا نعمان هل تحسن أن تقيس رأسك ؟ قال : لا ، قال : ما أراك تحسن أن تقيس شيئاً ولا تهتدي إلّا من عند غيرك ، فهل عرفت الملوحة في العينين ، والمرارة في الاُذنين ، والبرودة في المنخرين ، والعذوبة في الفم ؟ قال : لا . قال : فهل عرفت كلمةً أوَّلها كفر وآخرها إيمان ؟ قال : لا . قال ابن أبي ليلى : فقلت : جعلت فداك لا تدعنا في عمياء ممّا وصفت لنا . قال : نعم حدَّثني أبي ، عن آبائي عليهمالسلام : أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنَّ الله خلق عيني ابن آدم شحمتين فجعل فيهما الملوحة فلولا ذلك لذابتا ولم يقع فيهما شيءٌ من القذى إلّا أذابهما ، والملوحة تلفظ ما يقع في العينين من القذى ، وجعل المرارة في الاُذنين حجاباً للدماغ ، وليس من دابّة تقع في الاُذن إلّا التمست الخروج ، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ ، وجعل البرودة في المنخرين حجاباً للدماغ ، ولولا ذلك لسال الدماغ ، وجعل العذوبة في الفم منّاً من الله تعالى على ابن آدم ، ليجد لذَّة الطعام والشراب . وأمّا كلمة أوَّلها كفرٌ وآخرها إيمانٌ فقول « لا إله إلّا الله » أوَّلها كفرٌ وآخرها إيمان ، ثمَّ قال : يا نعمان إيّاك والقياس فإنَّ أبي حدَّثني عن آبائه عليهمالسلام أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من قاس شيئاً من الدين برأيه قرنه الله تبارك وتعالى مع إبليس في النار ، فإنّه أوَّل من قاس حيث قال : خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ . فدعوا الرأي والقياس فإنَّ دين الله لم يوضع على القياس .
ع : أبي ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن معاذ بن عبد الله ، عن بشر بن يحيى العامريّ ، عن ابن أبي ليلى مثله إلّا أنَّ مكان « بصيرة » « نظر » وبعد قوله : « أن تقيس شيئاً » قوله : « ولا تهتدي إلّا من عند غيرك فهل عرفت ممّا الملوحة » ومكان « عمياء » « عمى » و « على
________________________
(١) وفي نسخة : ونقاد .