__________________
الرحلة إليه من الآفاق ، وآل حمدان يكرمونه ، ويدرسون عليه ، ويقتبسون منه ، وهو القائل : دخلت يوما على سيف الدولة فلمّا مثلت بين يديه ، قال لي : اقعد ، ولم يقل : اجلس! فتبيّنت بذلك إعلاقه بأهداب الأدب ، واطلاعه على أسرار كلام العرب. قال ابن خلّكان : وإنما قال ابن خالويه هذا ؛ لأنّ المختار عند أهل الأدب أن يقال للقائم اقعد ، وللنائم والساجد اجلس ، وعلله بعضهم بأنّ القعود هو الانتقال من العلو إلى السفلى ، ولهذا قيل لمن أصيب برجله مقعد ، والجلوس هو الانتقال من السفل إلى العلوّ ، ولهذا قيل لنجد جلسا ، لارتفاعها ، وقيل لمن أتاها جالس .. إلى أن قال : ولابن خالويه المذكور كتاب كبير في الأدب سمّاه : (كتاب ليس) وهو يدل على اطلاع عظيم ، فإنّ مبني الكلام من أوّله إلى آخره على أنّه ليس في كلام العرب كذا. وله كتاب لطيف سماه : (الآل) ، وذكر في أوّله أنّ الآل ينقسم إلى خمسة وعشرين قسما ، وما اقتصر فيه ، وذكر فيه الأئمة الاثني عشر ، وتاريخ مواليدهم ، ووفاتهم ، وامهاتهم ، والذي دعاه إلى ذكرهم أنّه قال في جملة أسام الآل ، وآل محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلّم بنو هاشم ، وله (كتاب الاشتقاق) و (كتاب الجمل في النحو) و (كتاب القراءات) و (كتاب إعراب ثلاثين سورة من الكتاب العزيز) و (كتاب المقصور والممدود) و (كتاب المذكر والمؤنث) و (كتاب الألقاب) و (كتاب شرح مقصورة ابن دريد) و (كتاب الأسد) .. وغير ذلك. ولابن خالويه المذكور مع أبي الطيب المتنبّي المذكور مجالس ومباحث عند سيف الدولة. وقد تقدّم في ترجمة المتنبي بعض ما جرى بينه وبينه في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة حتى غضب المتنبي وارتحل إلى كافور الأخشيدي صاحب مصر ، ولابن خالويه شعر حسن ، ومنه على ما نقله الثعالبي في كتاب اليتيمة :
إذا لم يكن صدر المجالس سيدا |
|
فلا خير في من صدّرته المجالس |
وكم قائل : ما لي رأيتك راجلا |
|
فقلت له من أجل أنك فارس |
وفي أنباه الرواة للقفطي ٣٢٤/١ ـ ٣٢٥ برقم ٢١٦ : الحسين بن محمّد بن خالويه النحوي اللغوي أبو عبد اللّه ، من أهل همذان ، ودخل بغداد ، وأدرك أجلّة العلماء بها .. إلى أن قال : وكان منتصرا له على أبي علي الفارسي ، وانتقل إلى الشام وصحب سيف الدولة ابن حمدان ، وأدّب بعض أولاده ، تصدّر بحلب ، وميّافارقين ، وحمص للإفادة والتصنيف ، وعاش بعد سيف الدولة في صحبة ولده شريف وغيره من آل حمدان ، ومات بحلب في سنة سبعين وثلاثمائة ، وزاد على ما ذكره اليافعي من مؤلفاته ١ ـ كتاب