یقوم ، فأقسم
علیه المأمون بحق رسول الله لعل الله أن لا یقوم إلیه ، ثم جاء حتى
انکب على أبی الحسن الله وقبل وجهه وقعد بین یدیه على وسادة
، فقرأ ذلک الکتاب علیه ، فإذا هو فتح لبعض قرى کابل فیه ، إنا فتحنا قریة
کذا وکذا ، فلما فرغ قال له الرضا هلال الهلال : وسرّک فتح قریة من قرى الشرک
؟!». فقال المأمون : أولیس فی ذلک سرور ؟ فقال : یا أمیر المؤمنین
، اتق الله فی أمة محمد الله وما ولاک الله من هذا الأمر وخصک به ، فإنّک قد
ضیّعت أمور المسلمین ، وفوّضت ذلک إلى غیرک یحکم فیهم
بغیر حکم الله ، وقعدت فی هذه البلاد، وترکت بیت الهجرة ومهبط الوحی
، وإن المهاجرین والأنصار یظلمون دونک ،
ولا یرقبون
فی مؤمن إلا ولا ذمة، ویأتی على المظلوم دهر یتعب فیه
نفسه
ویعجز عن
نفقته ، ولا یجد من یشکو إلیه حاله ، ولا یصل إلیک ،
فاتق الله یا أمیر المؤمنین - فی أمور المسلمین ، وارجع
إلى بیت النبوة ومعدن المهاجرین والأنصار، أما علمت یا أمیر
المؤمنین ، أنّ والی المسلمین مثل العمود فی وسط الفسطاط،
من أراده أخذه» .
قال المأمون : یا
سیدی ، فما ترى ؟
قال : أرى أن تخرج
من هذه البلاد، وتتحوّل إلى موضع آبائک وأجدادک ، وتنظر فی أمور المسلمین
، ولا تکلهم إلى غیرک ، فإنّ الله تعالى
سائلک عمّا ولاک»
فقام المأمون فقال
: نِعْمَ ما قلت یا سیدی ، هذا هو الرأی .
فخرج وأمر أن تقدّم
النوائب (۱) ، وبلغ ذلک ذا الرئاستین ، فغمه غماً
(١) فی نسخة
(ر) : النجائب