وکلمتهم جامعة ، وأهواؤهم متفقة (۱) ، ورعى الحقوق لأهلها ، ووضع المواریث مواضعها ، وکافاً إحسان المحسنین ، وحفظ بلاء المبلین (٢) ، وقرب وباعد على الدین .
ثم اختص بالتفضیل والتقدیم والتشریف من قدمته مساعیه ، فکان ذلک ذا الرئاستین الفضل بن سهل ، إذ رآه له مؤازراً ، وبحقه قائماً، وبحجته ناطقاً ، ولنقبائه نقیباً ، ولخیوله قائداً ، ولحروبه مدبّراً ، ولرعیّته سائساً ، وإلیه داعیاً ، ولمن أجاب إلى طاعته مکافئاً ، ولمن عدل عنها منابذاً (۳) ، وبنصرته متفرّداً ، ولمرض القلوب والنیات مداویاً ، لم ینهه عن ذلک قلة مال ولا عوز رجال ، ولم یمل به طمع ، ولم یلفته عن نیته وبصیرته وجل ؛ بل عندما یهوّله المهوّلون، ویرعد ویبرق له المبرقون والمرعدون ، وکثرة المخالفین والمعاندین من المجاهرین والمخاتلین، أثبت ما یکون عزیمة وأجراً جناناً، وأنفذ مکیدةً ، وأحسن تدبیراً، وأقوى فی تثبت حق المأمون ، والدعاء إلیه حتّى قصم أنیاب الضلالة وفل حدهم ، وقلم أظفارهم، وحصد شوکتهم ، وصرعهم مصارع الملحدین فی دینه ، والناکثین لعهده ، الوانین فی أمره ، المستخفّین بحقه ، الآمنین لما حذر من سطوته وبأسه آثار ذی الرئاستین فی صنوف الأمم من المشرکین ، وما زاد الله به فی حدود دار المسلمین مما قد وردت أنباؤه علیکم ، وقرئت به الکتب على منابرکم ، وحمله أهل الآفاق إلیکم وإلى غیرکم، فانتهى شکر ذی الرئاستین بلاء أمیر المؤمنین عنده ، وقیامه بحقه وابتذاله مهجته ومهجة أخیه أبی محمد
(۱) فی نسخة ر ، ع » : غیر متفرّقة ، وفی «ک» : متفقة غیر متفرّقة (۲) فی نسخة (ک) والحجریة والمطبوع : بلاء المبتلین . وفی نسخة «ک» عن نسخة : بلاد المسلمین . نسخة ج ، ع» وحاشیة «ک» عن نسخة : معانداً .