فإن قال : فلِمَ أمروا بالتمتع بالعمرة (١) إلى الحج ؟ قیل : ذلک تخفیف من ربّکم ورحمة ؛ لأن یسلم الناس من إحرامهم ولا یطول علیهم ذلک ، فیدخل علیهم الفساد ؛ ولأن یکون الحج والعمرة واجبین جمیعاً ، فلا تعطّل العمرة ولا تبطل ؛ ولا یکون الحج مفرداً من العمرة ، ویکون بینهما فصل ،وتمییز، وقال النبی له : دخلت العمرة فی الحج إلى یوم القیامة ، ولولا أنه الا الله کان ساق الهدی ولم یکن له أن یحلّ حَتَّى یَبْلُغَ الْهَدْئُ مَحِلَّهُ﴾ (۲) ، لفعل کما أمر الناس ، ولذلک قال : لو استقبلت من أمری ما استدبرت لفعلت کما أمرتکم، ولکنی سقت الهدی ولیس لسائق الهدی أن یحلّ حتّى یبلغ الهدی محلّه . فقام إلیه رجل ، فقال : یا رسول الله ، نخرج حجاجاً ورؤوسنا تقطر
من ماء الجنابة .
فقال : إنّک لن تؤمن بهذا أبداً .
فإن قال : فلِمَ جعل وقتها عشر ذی الحجة ؟
قیل : لأن الله تعالى أحبّ أن یعبد بهذه العبادة فی أیام التشریق ، فکان أوّل ما حجّت إلیه الملائکة وطافت به فی هذا الوقت ، فجعله سُنّةً ووقتاً إلى یوم القیامة ، فأما النبیون : آدم ونوح وإبراهیم وموسى وعیسى ومحمّد صلّى الله علیه وعلیهم (۳) وغیرهم من الأنبیاء إنّما حجوا فی هذا الوقت ، فجعلت سُنّة فی أولادهم إلى یوم القیامة .
(١) کلمة (بالعمرة) لم ترد فی النسخ الخطیة
(۲) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.
(۳) فی المطبوع زیادة : أجمعین .