قیل : لأنه إنما أرید بهذه الصّلاة الشفاعة لهذا العبد الذی قد تخلّى
عما خلّف واحتاج الى ما قدّم .
فإن قال : فلِمَ أمر بغسل المیت ؟
قیل : لأنه إذا مات کان الغالب علیه النجاسة والآفة والأذى ، فأحبّ أن یکون طاهراً إذا باشر أهل الطهارة من الملائکة الذین یلونه ویماسونه فیما بینهم نظیفاً موجهاً به إلى الله عزّ وجلّ، ولیس من میت یموت إلا خرجت منه الجنابة فلذلک أیضاً وجب الغسل .
فإن قال : فلِمَ أمروا بکفن المیت ؟
قیل : لیلقى ربّه - عزّ وجلّ - طاهر الجسد ، ولئلا تبدو عورته لمن یحمله ویدفنه ، ولئلا یظهر الناس على بعض حاله وقبح منظره (۱) ، ولئلا یقسو القلب من کثرة النظر إلى مثل ذلک للعاهة والفساد ، ولیکون أطیب لأنفس الأحیاء ، ولئلا یبغضه حمیم فیلقى ذکره ومودته فلا یحفظه فیما خلف وأوصاه وأمر به وأحبّ (۲) .
فإن قال : فلِمَ أمر بدفنه ؟
قیل : لئلا یظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغیّر ریحه ، ولا یتأذى به الأحیاء بریحه وبما یدخل علیه من الآفة والفساد، ولیکون مستوراً عن الأولیاء والأعداء ، فلا یشمت عدوّ ولا یحزن صدیق (۳) . فإن قال : فلِمَ أمر من یغسله بالغسل ؟
قیل : لعلّة الطهارة ممّا أصابه من نضح المیت ؛ لأن المیت إذا خرج
(۱) فی المطبوع زیادة : وتغیّر ریحه
(۲) فی المطبوع : فیما خلف وأوصاه وأمره به واجباً کان أو ندباً .
(۳) فی المطبوع : فلا یشمت عدوّه ولا یحزن صدیقه .
الروح بقی منه أکثر آفته .