__________________
يتعسّف أهلها ويسيء معاملتهم ، فوفد منهم إلى عثمان وفد يشكونه ، وأعلموه بسوء ما يعاملهم به وأغلظوا عليه بالقول ، فولّى حذيفة بن اليمان عليهم وذلك آخر أيامه ، فلم ينصرف حذيفة عن المدائن إلى أن قتل عثمان واستخلف علي بن أبي طالب [عليه السلام] فأقام حذيفة عليها وكتب عليه السلام إليه : «بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه علي أمير المؤمنين إلى حذيفة بن اليمان سلام عليك .. أما بعد ؛ فإنّي قد ولّيتك ما كنت عليه لمن كان قبلي من حرف المدائن ، وقد جعلت إليك أعمال الخراج والرستاق وجباية أهل الذّمة فاجمع إليك ثقاتك ومن أحببت ممّن ترضى دينه وأمانته واستعن بهم على أعمالك ، فإنّ ذلك أعزّ إليك ولوليّك وأكبت لعدوك ، وإنّي آمرك .. إلى آخر الكتاب ، فلمّا وصل عهد أمير المؤمنين إلى حذيفة جمع الناس فصلّى بهم ، ثمّ أمر بالكتاب فقرئ عليهم ، وهو : «بسم اللّه الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين سلام عليكم ؛ فإنّي أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلاّ هو وأسأله أن يصلّي على محمّد وآله .. أمّا بعد ؛ فإنّ اللّه تعالى اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله إحكاما لصنعه وحسن تدبيره ، ونظرا منه لعباده ، وخصّ به من أحبّه من خلقه ، فبعث إليهم محمّدا ، فعلّمهم الكتاب والحكمة إكراما وتفضّلا لهذه الامة وأدّبهم لكي يهتدوا وجمعهم لئلا يتفرّقوا ، ووقفهم لئلا يجوروا ، فلمّا قضى ما كان عليه من ذلك مضى إلى رحمة اللّه به حميدا محمودا ، ثم إنّ بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهديهما وسيرتهما فأقاما ما شاء اللّه ثم توفاهما اللّه عزّ وجلّ ، ثم ولّوا بعدهما ثالثا فأحدث أحداثا ووجدت الامّة عليه فعالا فاتفقوا عليه ثم نقموا منه فغيّروا ، ثم جاءوني كتتابع الخيل فبايعوني إنّي استهدي اللّه بهداه واستعينه على التقوى ، ألا وإنّ لكم علينا العمل بكتاب اللّه وسنة نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والقيام عليكم بحقّه وإحياء سنّته ، والنصح لكم بالمغيب والمشهد وباللّه نستعين على ذلك وهو حسبنا ونعم الوكيل ..
وقد ولّيت أموركم حذيفة بن اليمان ـ وهو ممّن أرضى بهداه وأرجو صلاحه ـ وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشدّة على مريبكم ، والرفق بجميعكم ، أسأل اللّه لنا ولكم حسن الخيرة والسلام ورحمته الواسعة في الدنيا والآخرة ورحمة اللّه وبركاته».
قال : ثم إنّ حذيفة صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ثم قال : الحمد للّه الذي أحيا الحقّ وأمات الباطل ، وجاء بالعدل ، ودحض الجور ، وكبت الظالمين ، أيها الناس! إنّه ولاّكم اللّه أمير المؤمنين حقّا حقّا ، وخير من