وَ نَهْبِهِمْ رِحَالَكَ، وَ أَنْتَ مُقَدَّمٌ فِي اَلْهَبَوَاتِ ١، مُحْتَمِلٌ لأيذات [لِلْأَذِيَّاتِ] ٢، وَ قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِكَ مَلاَئِكَةُ اَلسَّمَاوَاتِ، وَ أَحْدَقُوا بِكَ مِنْ كُلِّ اَلْجِهَاتِ، وَ أَثْخَنُوكَ بِالْجِرَاحِ، وَ حَالُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَاءِ اَلْفُرَاتِ، وَ لَمْ يَبْقَ لَكَ نَاصِرٌ، وَ أَنْتَ مُحْتَسِبٌ صَابِرٌ، تَذُبُّ عَنْ نِسْوَانِكَ وَ أَوْلاَدِكَ، فَهَوَيْتَ إِلَى اَلْأَرْضِ طَرِيحاً، ضَمْآنَ جَرِيحاً، تَطَؤُكَ اَلْخُيُولُ بِحَوَافِرِهَا، وَ تَعْلُوكَ اَلطُّغَاةُ ٣بِبَوَاتِرِهَا، قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِينُكَ، وَ اِخْتَلَفَتْ بِالاِنْبِسَاطِ وَ اَلاِنْقِبَاضِ شِمَالُكَ وَ يَمِينُكَ، تُدِيرُ طَرَفاً مُنْكَسِراً إِلَى رَحْلِكَ، وَ قَدْ شُغِلْتَ بِنَفْسِكَ عَنْ وُلْدِكَ وَ أَهْلِكَ، فَأَسْرَعَ فَرَسُكَ (شَارِداً) ٤، وَ أَتَى خِيَامَكَ قَاصِداً مُحَمْحِماً بَاكِياً.
فَلَمَّا رَأَيْنَ اَلنِّسَاءُ جَوَادَكَ مَخْزِيّاً، وَ أَبْصَرْنَ سَرْجَكَ مَلْوِيّاً ٥، بَرَزْنَ مِنَ اَلْخُدُورِ لِلشُّعُورِ نَاشِرَاتٍ ٦، وَ لِلْخُدُودِ لاَطِمَاتٍ، وَ لِلْوُجُوهِ سَافِرَاتٍ، وَ بِالْعَوِيلِ دَاعِيَاتٍ، وَ بَعْدَ اَلْعِزِّ مُذَلَّلاَتٍ، وَ إِلَى مَصْرَعِكَ مُبَادِرَاتٍ، وَ شِمْرٌ جَالِسٌ عَلَى صَدْرِكَ، مُولِغٌ سَيْفَهُ فِي نَحْرِكَ، قَابِضٌ شَيْبَتَكَ بِيَدِهِ، ذَابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ، وَ قَدْ سَكَنَتْ حَوَاسُّكَ، وَ خَمَدَتْ أَنْفَاسُكَ، وَ وَرَدَ عَلَى اَلْقَنَاةِ رَأْسُكَ، وَ سُبِيَ أَهْلُكَ كَالْعَبِيدِ، وَ صُفِدُوا فِي اَلْحَدِيدِ، فَوْقَ أَقْتَابِ اَلْمَطِيَّاتِ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ حَرُورُ اَلْهَاجِرَاتِ، يُسَاقُونَ فِي اَلْفَلَوَاتِ، أَيْدِيهِمْ مَغْلُولَةٌ إِلَى اَلْأَعْنَاقِ، يُطَافُ بِهِمْ فِي اَلْأَسْوَاقِ، فَالْوَيْلُ لِلْعُصَاةِ اَلْفُسَّاقِ، لَقَدْ قَتَلُوا
١) الهبوات: الهبوة، الغبرة، و الهباء الغبار، و قيل: هو غبار شبه الدّخان ساطع في الهواء-لسان العرب ١٥: ٣٥٠.
٢) في هامش نسخة «م» : للاذيات.
٣) في نسخة «ه» : البغاة.
٤) اثبتناه من البحار.
٥) في نسخة «ه» : منكوبا.
٦) كذا هو في نسخنا، و فيه توقف واضح لمخالفته الصّريحة مع الاحكام الاسلامية الّتي يتجنّب تجاوزها الملتزمون، ناهيك عن اهل البيت (ع) و هم خزنة الوحي، و مستودع علم اللّه تعالى، و ورثة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.