وَ مِمَّا رَوَيْنَاهُ وَ حَذَفْنَا إِسْنَادَهُ اِخْتِصَاراً: أَنَّ اَلْفَيَّاضَ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلطَّرَسُوسِيَّ حَدَّثَ بِطُوسَ سَنَةَ تِسْعٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ، وَ قَدْ بَلَغَ اَلتِّسْعِينَ، : أَنَّهُ شَهِدَ أَبَا اَلْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي يَوْمِ اَلْغَدِيرِ وَ بِحَضْرَتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ خَاصَّتِهِ قَدِ اِحْتَبَسَهُمْ لِلْإِفْطَارِ، وَ قَدْ قَدَّمَ إِلَى مَنَازِلِهِمُ اَلطَّعَامَ وَ اَلْبُرَّ وَ اَلصِّلاَةَ وَ اَلْكِسْوَةَ حَتَّى اَلْخَوَاتِيمَ وَ اَلنِّعَالَ، وَ قَدْ غَيَّرَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَ أَحْوَالِ حَاشِيَتِهِ، وَ جُدِّدَتْ لَهُ آلَةٌ غَيْرُ اَلْآلَةِ اَلَّتِي جَرَى اَلرَّسْمُ بِابْتِذَالِهَا قَبْلَ يَوْمِهِ، وَ هُوَ يَذْكُرُ فَضْلَ اَلْيَوْمِ وَ قَدِيمَهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «حَدَّثَنِي اَلْهَادِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّيَ اَلصَّادِقُ قَالَ: حَدَّثَنِي اَلْبَاقِرُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَيِّدُ اَلْعَابِدِينَ قَالَ: إِنَّ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: اِتَّفَقَ فِي بَعْضِ سنين [سِنِي] أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَلْجُمُعَةُ وَ اَلْغَدِيرُ، فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ عَلَى خَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارِ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ حَمْداً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَ أَثْنَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، فَكَانَ مِمَّا حُفِظَ مِنْ ذَلِكَ:
«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْحَمْدَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى حَامِدِيهِ، وَ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ اَلاِعْتِرَافِ بِلاَهُوتِيَّتِهِ وَ صَمَدَانِيَّتِهِ وَ رَبَّانِيَّتِهِ وَ فَرْدَانِيَّتِهِ، وَ سَبَباً إِلَى اَلْمَزِيدِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَ مَحَجَّةً لِلطَّالِبِ مِنْ فَضْلِهِ، وَ كَمَّنَ فِي إِبْطَانِ اَللَّفْظِ حَقِيقَةَ اَلاِعْتِرَافِ لَهُ بِأَنَّهُ اَلْمُنْعِمُ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ بِاللَّفْظِ وَ إِنْ عَظُمَ.
وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً نُزِعَتْ عَنْ إِخْلاَصِ اَلطَّوِيِّ، وَ نُطْقُ اَللِّسَانِ بِهَا عِبَارَةٌ عَنْ صِدْقٍ خَفِيٍّ، أَنَّهُ اَلْخَالِقُ اَلْبَدِيءُ اَلْمُصَوِّرُ لَهُ اَلْأَسْمَاءُ اَلْحُسْنَى، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إِذْ كَانَ اَلشَّيْءُ مِنْ مَشِيئَتِهِ وَ كَانَ لاَ يُشْبِهُهُ مُكَوِّنُهُ.
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اِسْتَخْلَصَهُ فِي اَلْقِدَمِ عَلَى سَائِرِ اَلْأُمَمِ، عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِهِ، اِنْفَرَدَ عَنِ اَلتَّشَاكُلِ وَ اَلتَّمَاثُلِ مِنْ أَبْنَاءِ اَلْجِنْسِ، وَ اِئْتَمَنَهُ آمِراً وَ نَاهِياً