فقال أبي لمن عنده الرقاع : احضروا الرقاع ، فأحضروها. فقال [لهم] : هذا ما أمرت به. فقال بعضهم : قد كنّا نحبّ أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر ، فقال [لهم] : نعم ، قد آتاكم اللّه عزّ وجلّ به ، هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة. وسأله أن يشهد بما عنده ، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا ، فدعاه أبي إلى المباهلة ، فقال لمّا حقق عليه : قد سمعت ذلك. وهذه (١) مكرمة كنت أحبّ أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم!! فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحقّ جميعا.
فإنّ هذا الخبر وإن كان يدلّ على أنّه كتم الشهادة ، وأنكر الحقّ أوّلا ، وأظهر بعد دعائه إلى المباهلة وأنّ كتمانه كان حسدا ، إلاّ أنّه مع قصوره لا عبرة به في قبال إطباق الأصحاب ـ فقهائهم ورجاليهم ـ على وثاقة الرجل ، سيّما وفي النفس من متنه شيء ، بل أشياء :
فمنها : إنّ الجماعة كيف طلبوا تعدد الشاهد بإخبار الرسول ، واكتفوا بالواحد ـ وهو الرسول ـ في الإخبار بأصل القضية؟
ومنها : إنّ إمامة الهادي عليه السلام عمدة الكرامة ـ وهي للعربي ـ وهو الهادي عليه السلام وإخبار العجمي بذلك آكد في المطلوب ، ولا يعقل صدور هذا الحسد من عاقل متديّن.
وقال المولى الوحيد رحمه اللّه (٢) : الظاهر عدم تأمّل المشايخ في علوّ شأنه ووثاقته ، وديدنهم الاستناد إلى قوله والإعتداد به ، ولعلّه كان زلّة صدرت (٣)
__________________
(١) في الكافي : وهذا.
(٢) في تعليقته المطبوعة على هامش منهج المقال : ٤٦.
(٣) ذا القول عجيب بعد تضعيف الرواية بجهالة الخيراني ، وعلى فرض التنزل نقول : إنّا