و الناس في بلوغ هذه السن يتفاوتون بحسب اختلاف احوالهم، بل قال الاخير و عياض انه يستحب له الامساك.
و قيل: و كذا إذا عمي و خاف ان يدخل عليه ما ليس في حديثه، فليمسك عن الرواية، و لهم هنا أقوال في تحديده:
منها: ما ذكره أبو محمد ابن خلاد الرامهرمزي حيث جزم بالثمانين. و تبعه في ذلك ابن الصلاح فقال: إنّ من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب و خيف عليه الاختلال و الاخلال، و ان لا يفطن له إلاّ بعد أن يخلط، كما اتفق لغير واحد من الثقات.
و قال ابن دقيق العيد: و هذا - اي التقييد بالسن - عند ما يظهر منه أمارة الاختلال و يخاف منها، فأمّا من لم يظهر ذلك منه فلا ينبغي له الامتناع، لأنّ هذا الوقت أحوج ما يكون الناس الى روايته، كما حكاه في الفتح: ٢٨٥/٢ و عدّ جمع حدثوا بعد المائة.
نعم الأولى له ألاّ يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك، لوفور علمه، و علو سنه، و حسن ضبطه إذا كان أخذ الحديث عنه متيسرا و كانا في بلد واحد، بل إذا طلب منه الحديث و هناك من هو ارجح منه فالاولى له الارشاد اليه، فان الدين النصيحة - كما أفاده المصنف قدس سره و غيره - و زاد بعضهم فكرة الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغير ذلك. و أيضا ينبغي له أن لا يمتنع من بذل الحديث لأحد لكونه غير صحيح النية، فانه يرجى له صحتها، فقد جاء في الآثار عن بعض العلماء الأخيار انّه قال: طلبنا العلم لغير اللّه فابى ان يكون إلاّ للّه. و قال بعضهم: فاوصلنا الى اللّه. قاله في وصول الاخيار:
١١١ [التراث: ١٢٤-١٢٥ باختلاف يسير]: و ليجتهد كل الجهد على نشره و اذاعته ببذله و الترغيب فيه سيما في مثل زماننا هذا الذي كادت تندرس فيه آثار الوحي و النبوة و الأئمة المعصومين بالكلية..